قال : (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ) (١).
حيث تعلّقت قلوبهم بالعقائد الفاسدة ، واشتغلت بسعر الجهل واحترقت بنار آلام الضلال والبعد عن ساحة الجلال ، وانكدرت نفوسهم بشؤونات الهوى ، فصارت مسلسلة مغلولة بتلك التعلّقات المبعّدة ، مسعورة بنار الفراق بحيث لا يمكنها بعد ذلك الوصول إلى السعادة الأبدية الّتي حقيقتها القرب إلى الحقّ تعالى.
الأولى : لا تتوهّم أيّها الناظر في الكلمة الّتي أسلفناها أنّ مرادنا بها حصر الآلام في الآلام العقليّة الروحانيّة ، فإنّنا نحن أهل الشريعة المحمّديّة متّفقون على حشر الأجساد والجنّة والنار الجسمانيّتين على التفصيل المقرّر في الشريعة. كيف وجميع الأنبياء والأولياء لقد أخبروا بذلك ، بل صار ذلك عندهم ضروريّا ، ومنكره كافرا ؛ كما لا يخفى.
وعن جماعة نفي الجسميّة ، وقد أوّلوا كلمات النبيّين عليهم السلام بأنّهم قد قالوها لمصلحة العوامّ.
ولا يخفى فساد مذهبهم على أحد بعد اطّلاعه على أدلّتهم الّتي أقاموها على إحالة إعادة المعدوم ، والتفصيل مذكور في كتب الكلام والحكمة.
الثانية : ذكر جماعة أنّ الروح بعد مفارقته عن البدن العنصريّ المحلول لا بدّ له من بدن آخر ؛ إذ لا يبقى الروح بلا جسد فيكون له جسد مثاليّ يسمّى
__________________
(١) المجادلة : ١٩.