أي الاستعداد الأصليّ هو المنشأ لفهم ما يسمعه ويتعلّمه ؛ إذ لولاه لما كان الإنسان إلّا كسائر البهائم الّتي لا تدرك شيئا من المعارف والعلوم الإلهيّة ، فيا أيّها الإنسان لا تكسل عن تفجير ينابيع الحكمة من أرض ذاتيّتك ، فإنّ العلم والحكمة كلّها فيك ، ليست خارجة عن هويّتك ، كيف وفيك معنى كلّ شيء ؛ كما قال :
دواؤك فيك وما تشعر |
|
وداؤك منك وما تبصر |
فاطلب حقائق كلّ شيء من نفسك ، واستخرجها من ذاتك بالتصفية والتزكية ، فإلى متى تسعى في غير أرض هويّتك لغير ذاتيّتك ، وتسير في بوادي الغفلة عن المودعات في كينونيّتك ، وتهيم في فيافي الضلالة عن طرق الأسرار المكنونة في خزينة نفسانيّتك.
سالها دل طلب جام جم از ما مى كرد |
|
آنچه خود داشت زبيگانه تمنّا مى كرد |
گوهرى را كه بپرورد صدف در همه عمر |
|
طلب از گمشدگان لب دريا مى كرد |
قال الله عزّ سلطانه : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً).
أقول : لمّا أخبرنا بمقام الأبرار الأخيار ، وما فازوا به من الكمالات الروحانيّة ، واللذّات العقلانيّة ، فشاقت النفوس إلى ذلك المقام ، وظنّ كلّ أحد أنّه في زمرة هؤلاء الكرام ، بيّن لنا أوصافهم الّتي بها وصلوا إلى تلك