العاجلة على اللذّة الحقيقيّة الّتي ليس فوقها لذّة ، ولا لغيرها ذكر في مقام ذكر اللذّة ، وليس شيء أشدّ خسرانا من ذلك الغافل ؛ حيث لم يعرف رتبته ، وضيّع استعداده ، فتاه في فيافي الضلال حيران ، وعن لباس التوحيد عريان ، فبات في مهود النقصان ، وأصبح متلهّفا بالخسران ، فإنّه داخل في عموم (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) (١) أي عرفوا المقامات السبعة ، وأقرّوا بمن هي له ممّا أشرنا إليه (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) (٢) أي ما يصلح نفوسهم من العبادات والرياضات الممحّضة للقلب ، للتوجّه إلى حضرة الربّ (وَتَواصَوْا بِالْحَقِ) (٣) أي عرّفوا الناس ما عرفوه من المقامات بحسب إمكانهم واستعدادهم (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) (٤) أي عرّفوهم طرق العبادات والرياضات المانعة لشهوة النفس.
وروي أنّ المراد بالإنسان الّذي في الخسر هم أعداء العترة ، وبالّذين آمنوا المؤمنون بإيابهم عليهم السلام ، وبالعمل الصالح المواساة مع الإخوان ، وبالحقّ الإمامة ، وبالصبر العترة. انتهى.
الأولى : قال بعض العارفين رحمه الله : هذه إشارة إلى النفوس المقهورة في يد شياطينها ، والعاجلة هي الحياة الدنيا وزينتها ، واللذّات الحاضرة الحسّيّة ، أي يولّون وجوههم شطرها ، ويعرضون عن القبلة الحقيقيّة ، ولا تلتفت نفوسهم إلى ما يحصل لها من ضرورة الموت وما بعدها من العذاب
__________________
(١) العصر : ٢ ـ ٣.
(٢) العصر : ٣.
(٣) العصر : ٣.
(٤) العصر : ٣.