لعلمه ، مقرّرة فيه ، ولذلك يسمّى بالأعيان الثابتة ، والحقائق الأزليّة.
والقول بنفي وجودها الأزليّ لقوله عليه السلام كان عالما ؛ حيث لا معلوم ممّا لم يساعده برهان ، فانّ إثبات العلم الأزليّ للحقّ مستلزم لإثبات الأعيان الثابتة المعلومة. كيف والعلم من الأمور الإضافيّة ؛ بمعنى أنّه يجب تعلّقه بمعلوم ، وقياسه بنور الشمس باطل.
والاستدلال بقوله عليه السلام غير ناهض ، لأنّ المراد بنفي المعلوم نفي وجوده الخارجيّ لا الثبوتيّ التقريريّ.
وقوله عليه السلام : كان شيئا ولم يكن مذكورا (١) ، وقوله عليه السلام : كان مذكورا في العلم ولم يكن مذكورا في الخلق ... (٢) إلى آخره ، من الشواهد الواضحة على المطلوب.
وبالجملة : علمه الأزليّ بالأشياء غير مؤثّر في أمر الشقاوة والسعادة. كيف وقد عرفت أنّهما كانا من قضيّة الماهيّة الأزليّة ، فلا ظلم أصلا ؛ حيث لا جعل من الله الحقّ تعالى ، ولا صنع إلّا إيجاد الماهيّة ، وإطراء الوجود عليها ، فلا بدّ من المهيّة المستعدّة للشقاوة من ظهور آثارها منها في المشهد الآخر ، وكذا المهيّة السعيدة.
وكلّ ذلك بإذن الله ، أي بعلمه ؛ كما قال الصادق عليه السلام : إنّ الله خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه ، وأمرهم ونهاهم ، فما أمرهم به من شيء فقد
__________________
(١) المحاسن ١ : ٢٤٣.
(٢) بحار الأنوار ٥٧ : ٣٢٨.