إذا علمت ذلك فاعلم أنّ للوجود لوازم تترتّب عليه بحسب الموادّ والقوابل ، واختلافها يوجب الاختلاف في تلك اللوازم ، وذلك الاختلاف ليس ناشئا عن الوجود ؛ إذ فيض الحقّ تعالى بالوجود سواء بالنسبة إلى كلّ شيء كفيض نور الشمس على التفصيل المقرّر في مقامه ، بل ناش عن اختلاف المهيّات بحسب اختلاف القابليّات والاستعدادت الأوّليّة ، فإنّ تلك الاستعدادات كانت مركوزة مكنونة في الماهيّات كركوز النار في الزناد ، والثمار في البذور.
ويسمّى ذلك بكمون المفصّل في المجمل ، ولكنّها يحتاج بروزها إلى السبب ، وهو طلب الماهيّات الموجود بلسان الاستعداد ، وإيجادها بالقدرة الكاملة إجابة للطلب السابق ، فلمّا اتّصفت بالوجود الموهوب المسئول برز ما كان فيها من مكنون الاستعداد ، وكشف الغطاء عن آثارها بذلك الوصف.
فالشقيّ في هذا المشهد العنصريّ هو الّذي كان شقيّا ، أي مستعدّا للشقاوة في عالم الغيب الأوّل وهو عالم علم الحقّ القديم ، والسعيد في هذا المشهد هو المستعدّ للسعادة في عالم الغيب.
ولا يمكن للأوّل أن يفوز بالآثار الّتي يفوز بها الثاني وإن بلغ في السعي طول عمره ، وكذا ليس للثاني أن يحرم عن لوازم وجوده وقضيّة استعداده وقابليّته كما عليه الحديث.
ولا يلزم في ذلك سؤال على الحقّ تعالى ، ولا اعتراض عليه ، فإنّ إفاضته بالنسبة إلى الكلّ كانت واحدة ، وكذا ما يترتّب على تلك الإفاضة من القدرة