وإرادة وليس ذلك في الحطب أصلا ، وبأنّا لا نسلّم أنّه جعل الكافر محلّا للكفر ، لورود أنّهم فطروا على فطرة الإسلام. فليتأمّل.
الرابع : أنّ حصول الأفعال إنّما هو بقدرة العبد على سبيل الاستقلال بحيث لا مدخل لقدرة الله وإرادته فيه ، وذلك معنى التفويض ، والقائلون به هم المفوّضة ، والأخبار على ردّهم متواترة ، وشهادة العقل على بطلانه واضحة ، للزومه عزل الحقّ عن التصرّف في مملكته.
وعن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : من زعم أنّ الخير والشرّ بغير مشيّة الله فقد أخرج الله من سلطانه ، ومن زعم أنّ المعاصي بغير قوّة الله فقد كذب على الله (١).
وعن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت : أجبر الله العباد على المعاصي؟ قال : لا ، قلت : فوّض إليهم الأمر؟ قال : لا ، قلت : فماذا؟ قال : لطف من ربّك بين ذلك (٢).
الخامس : أنّه تعالى خالق للفعل ولا أثر فيه للعبد أصلا ، إلّا في وصف كونه طاعة أو معصية. وهذا القول نقله العلّامة في الإرشاد عن القاضي أبي بكر ، وذكر أنّه مثّل بلطمة اليتيم ، فإنّ ذات اللطمة من الله ، لكنّ كونها للتأديب أو الظلم من العبد.
وأجيب بأنّ الوصفين عارضان للفعل ، فيوجدان حيث وجد ، فإذا كان الفعل مستندا إليه تعالى كان عارضاه كذلك ، فيلزم كونه مطيعا أو عاصيا.
__________________
(١) تفسير العيّاشيّ ٢ : ١١.
(٢) التوحيد : ٣٥٩.