وأجيب : أوّلا بأنّا نختار عدم الرجحان في الفعل ، والقول بلزوم المرجوح ممنوع ، لوجود المرجّح وهو القادر ؛ كما أنّ الجائع إذا حضره أرغفة كثيرة فله أن يأكل من أيّها شاء من غير مرجّح سوى إرادته.
وثانيا بالنقص في حقّه تعالى ، فإنّه إمّا أن يفعل بالجبر أو لا ، فعلى الأوّل يلزم كونه موجبا ، وقد ثبت أنّه مختار ، وعلى الثاني يلزم ما ذكرتم في حقّه أيضا ، فما كان جوابكم فهو جوابنا. ولهم أدلّة اخرى ، وهي مع جوابها مذكورة في الإرشاد والنهج والاستقصاء من كتب العلّامة رحمه الله وغيرها.
والمعتزلة لقد أنكروا عليهم بضرورة الفرق بين حركة المرتعش وحركة المختار.
وأجيب عنه في الرسالة المكتوبة لسعيد الدين محمّد الاستراباديّ بأنّ الأشعريّ لمّا تقرّر عنده أن لا مؤثّر في الوجود إلّا الله ، وأنّ ما عداه أسباب عاديّة ، والممكنات مستندة إليه من غير واسطة ، لزم على أصوله أن يكون خالق تلك الأفعال هو الله تعالى.
غاية الأمر أن تكون قدرة العبد وإرادته سببا عاديّا على نحو سائر الأسباب العاديّة ، فلا يلزم الشناعة الّتي يوردها المعتزلة عليه من أنّه يلزم أن لا يكون بين حركة المرتعش وحركة المختار فرق ، وربّما يدّعون البداهة في بطلان مذهبه ، حتّى نقل عن أبي هذيل العلّاف أنّه قال : حمار بشر أعقل من بشر ، فإنّ حماره يفرّق بين ما يقدر عليه وبين ما لا يقدر عليه ؛ من حيث إنّه إذا وصل إلى نهر صغير يمكنه العبور عنه يطأه ، وإن وصل إلى ما لا يقدر عليه العبور عليه لا يخوض فيه وإن أوجع بالضرب.