منها : أنّه تعالى هو خالق كلّ شيء فإليه يستند كلّ شيء ، لأنّه مبدأ كلّ شيء.
وفيه أنّ كونه مبدأ لجميع المعلولات ، ومنشأ لكلّ المخلوقات ، لا يستلزم عدم القدرة للعبد. كيف وهو الخالق لها في العبد ، والجاعل للتمكّن فيه ؛ كما قال : أنا أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيّئاتك منّي ؛ عملت المعاصي بقوّتي الّتي جعلت فيك (١). فليتأمل.
ومنها : أنّ ما علم الله وقوعه واجب لا يمكن عدمه ، وإلّا يلزم الانقلاب في علمه ، وكذا ما علم عدم وقوعه ممتنع لا يمكن وقوعه ، والعبد غير قادر على الواجب والممتنع ، فلزم الجبر ، وهو المطلوب.
وأجيب عنه بأنّ العلم تابع لوقوع المعلوم ولا حق له ، واللاحق لا يؤثّر في السابق ، فليتأمّل (٢).
ومنها : أنّ العبد إمّا أن يفعل بالجبر ، أو بالاختيار ، فإن كان الأوّل يلزم المطلوب ، وإن كان الثاني ، فإمّا أن يتمكّن من الترك أو لا ، فعلى الثاني يلزم المطلوب ، وعلى الأوّل إمّا أن يكون في الفعل رجحان أو لا ، فعلى الثاني يلزم ترجيح أحد طرفي الممكن ، وعلى الأول إمّا أن يمتنع من النقيض أو لا ، فعلى الثاني يلزم حصول المرجوح ، وعلى الأوّل يلزم المطلوب.
__________________
(١) الكافي ١ : ١٥٧.
(٢) يوجد في هامش هذه الصفحة تعليقة لبعض أصدقاء المؤلّف ، وهذا نصّه : أقول : وفي هذا الجواب نظر ، إذ قد تحقّق في محلّه أنّ علمه تعالى فعليّ منشأ لإيجاد المعلوم ، وسابقا عليه ، وما ذكره الحبيب إنّما يجري في علومنا المكتسبة من المعلومات العينيّة ، ولعلّ قول الفاضل المؤلّف ـ فليتأمّل ـ إشارة إلى ما ذكرنا ، فلا تغفل. لمحرّره محمّد حسين الأراكيّ.