والحلية : الزينة ، والأساور : جمع الأسورة ، وهي جمع السوار.
قال الطبرسيّ رحمه الله : الفضّة الشفّافة وهي الّتي يرى ما وراءها كما يرى من البلّورة ، وهي أفضل من الدرّ والياقوت ، وهما أفضلان من الذهب ، فتلك الفضّة أفضل من الذهب والفضّة ، وهما أثمان الأشياء.
وقيل : إنّهم يحلّون بالذهب تارة ، وبالفضّة أخرى ، ليجمعوا محاسن الحلية ؛ كما قال الله تعالى : (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) (١).
والفضّة وإن كانت دنيّة الثمن في الدنيا فهي في غاية الحسن ، خاصّة إذا كانت بالصفة الّتي ذكرناها. والغرض في الآخرة : ما يكثر الاستلذاذ والسرور به ، لا ما يكثر ثمنه. انتهى.
أقول : قد عرفت فيما سبق القول منّا من أنّ لتلك الأشياء حقائق لا يدركها إلّا الفائز بمقام القرب بحضرة الربّ تعالى.
قال بعض العارفين : والمراد بتلك الآية الإشارة إلى ما يحصل لهم من لباس الكرامة الإلهيّة الّتي أحلّتهم تلك المحالّ ، والمبالغة في التعبير عن تلك اللذّات والكمالات ، وفي قوله (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) إشارة إلى تحلية معاصم نفوسهم بأسورة الصور القدسيّة ، فكما أنّ المعاصم تتزيّن وتتحسّن بالأسورة ، وتكون ذلك كمالاتها ، كذلك النفوس تتزيّن بتلك الكمالات الروحانيّة ، وفرقان ما بين الزينتين ، وفرقان ما بين الحليتين. انتهى.
وفي قوله : «وسقيهم ربّهم» إشارة إلى ما مرّ من أنّ الله بعد ما يرى ويعلم استعدادهم لمقام المحبّة والولاية يجري على قلوبهم وذاتيّاتهم أنهار
__________________
(١) الكهف : ٣١ ، الحجّ : ٢٣ ، فاطر : ٣٣.