واستدلّ أيضا بأنّ المعدوم هو المعروض للعدم الّذي هو النفي ، فالمعدوم موصوف بصفة النفي وهو مقابل للثبوت.
فإذا قلت : المعدوم ثابت ، فكأنّما قلت : المنفيّ ثابت ، فيلزم التناقض.
وفيه ما لا يخفى ، لأنّ القائلين بالثبوت يجعلون النفي أخصّ من العدم ؛ كما عرفت.
واستدلّ أيضا بأنّها لو كانت ثابتة لزم كونها قديمة واجبة ؛ إذ المفروض أنّ ثبوتها ليس من غيرها ، واللازم
باطل ، لاستلزامه تعدّد الواجب القديم.
وفيه نظر ، لأنّ من خواصّ الواجب استغناءه عن الغير في الوجود ، ولا ريب أنّ الممكنات محتاجة إلى إفاضة الوجود من الحقّ وإن لم تكن محتاجة إلى الحقّ في التذويت والتشيئة كما بيّن في محلّه ، وبرهن عليه في مقامه.
وبطلان تعدّد القديم الّذي ليس بواجب لا دليل عليه أصلا ، فإنّ أدلّة بطلان تعدّد القدماء جارية في الواجب خاصّة.
وقد يستدلّ عليه أيضا بوجوه أخرى ، والإعراض عن ذكرها لوهنها أحرى.
وكذا المعتزلة القائلون بالثبوت لقد استدلّوا على دعواهم بما هو المشهور ، وتفصيله في كتب الكلام مسطور.
ومنها : أنّ المراد به النفس الناطقة الإنسانيّة ، فالآية دالّة على قدمها الحكميّ الّذي قد يعبّرون عنه بالقدم الزمانيّ ؛ إن جعلنا «هل» بمعنى «ما» النافية ، أو صرفنا النفي إلى القيد وفسّرناه بالذكر العنصريّ الجسمانيّ.
وقد يستدلّ على ذلك أيضا بما روي من أنّ الأرواح خلقت قبل