العبوديّة (وَادْخُلِي جَنَّتِي) (١) أي فوزي بجنّة قربي ومقام الاتّصال بحضرتي.
وإلى هؤلاء إشارة بقوله (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ * لِسَعْيِها راضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) (٢) أي القرب التامّ بحضرة الحقّ (لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) (٣) أي لا تتوجّه إلى غير الحقّ ، فإنّ ذكر الغير لغو في مقام الحقّ.
السادسة : قال المفيد رحمه الله في اعتقاداته : وثواب أهل الجنّة الالتذاذ بالمآكل والمشارب ، والمناظر والمناكح ، وما تدركه حواسّهم ممّا يطبعون على الميل إليه ، ويدركون مرادهم بالظفر به ، وليس في الجنّة من البشر من يلتذّ بغير مأكل ومشرب ، وما تدركه الحواسّ من الملذوذات. وقول من زعم أنّ في الجنّة بشرا يلتذّ بالتسبيح والتقديس من دون الأكل والشرب قول شاذّ عن دين الإسلام ، وهو مأخوذ من مذهب النصارى الّذين زعموا أنّ المطيعين في الدنيا يصيرون في الجنّة ملائكة لا يطعمون ولا يشربون ولا ينكحون ، وقد أكذب الله هذا القول في كتابه بما رغّب العالمين فيه من الأكل والشرب والنكاح فقال : (أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا) (٤).
وقال : (فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ) (٥).
وقال : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) (٦).
__________________
(١) الفجر : ٢٧ ـ ٣٠.
(٢) الغاشية : ٨ ـ ١٠.
(٣) الغاشية : ١١.
(٤) الرعد : ٣٥.
(٥) محمّد : ١٥.
(٦) الرحمن : ٧٢.