(فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) (١).
أي لا تشركوا بي شيئا ممّا سواي يا أهل بيت الولاية والمحبّة ، وطهّركم عن دنس العيوب ورجس التوجّه إلى غير الحقّ ، وصرف قلوبكم عن الاشتغال بالشؤونات العرضيّة ، والشائبات الغيريّة ، بماء المحبّة الّذي به حياة كلّ شيء ؛ كما قال : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) ... (٢) إلى آخره.
وقال : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (٣).
أي من سماء الفؤاد ماء المحبّة الصافي عن جميع الكدورات.
وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : مثل المؤمن الخالص كمثل الماء (٤). أي : مثل المؤمن الخالص عن جميع التوجّهات الغيريّة كمثل الماء الصافي عن كلّ كدرة ، هذا إذا فسّرنا اليوم بما عرفت.
وأمّا على تفسيره بحين الموت ، فالمراد على ما ذكره بعض العارفين أنّهم لمّا فازوا بالمقاصد العليّة الكلّيّة ، ووصلوا إلى كمالاتهم الأوفى هانت على نفوسهم مفارقة أبدانها ، ولم يحسّوا بالآلام المحسوسة لاشتغالم واستغراقهم في محبّة الله ، والتفاتهم إلى مطالعة أنوار وجه الله ، وغفلتهم عن ذواتهم بالذكر لمقام رحمة الله ، ولقد ذكرنا شرح ذلك وتفصيله فيما سبق ، فلا حاجة إلى التفصيل بعد وضوح السبيل.
الثانية : في قوله «ولقّاهم نضرة وسرورا» أي : أعطاهم واستقبلهم بذلك ؛
__________________
(١) الحجّ : ٣٠.
(٢) الأنبياء : ٣٠.
(٣) الفرقان : ٤٨.
(٤) مصباح الشريعة : ١٢٨.