قال : لا والله. قال : فاقتلوه. (وكان إلى جنبه) فقُتل ، وصُلبوا في بستانه حتّى تأذّى جلساؤه بريحهم ، فكلّموه في ذلك فقال : والله ، إنّ ريحهم عندي لألذّ وأطيب من ريح المسك والعنبر ؛ (غيظاً عليهم وحنقاً).
لمّا ضرب عبد الله بن علي أعناق بني اُميّة ، قال له قائل من أصحابه : هذا والله جهد البلاء. فقال عبد الله : كلاّ ، ما هذا وشرطة حجّام إلاّ سواء ، إنّما جهد البلاء فقر مدقع ، بعد غنى موسع.
خطب سليمان بن علي لمّا قتل بني اُميّة بالبصرة. فقال : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (الأنبياء / ١٠٥) قضاء فصل ، وقول مبرم ، فالحمد لله الذي صدق عبده ، وأنجز وعده ، وبعداً للقوم الظالمين الذين اتّخذوا الكعبة غرضاً ، والدين هزواً ، والفيء إرثاً ، والقرآن عضين ، لقد حاق بهم ما كانوا به يستهزئون ، ذلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ.
أمهلهم حتّى اضطهدوا العترة ، ونبذوا السنّة.
ثمّ أخذهم ، فـ (هلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً). ضرب الوليد بن عبد الملك علي بن عبد الله بن العباس بالسياط ، وشهره بين الناس يدار به على بعير ، ووجهه ممّا يلي ذنب البعير ، وصائح يصيح أمامه : هذا علي بن عبد الله الكذّاب. فقال له قائل (وهو على تلك الحال) : ما الذي نسبوك إليه من الكذب يا أبا محمد؟ قال : بلغهم قولي : أنّ هذا الأمر سيكون في ولدي ، والله ليكونن فيهم حتّى يملكه عبيدهم الصغار العيون ، العراض الوجوه ، الذين كأنّ وجوههم المجان المطرقة (١).
وروي أنّ علي بن عبد الله دخل على هشام ومعه ابنا ابنه الخليفتان : أبو العباس
__________________
(١) المجان المطرقة : ما يكون بين جلدين أحدهما فوق الآخر ، والذي جاء في الحديث : «كأنّ وجوههم المجان المطرقة» ، أيّ التراس التي ألبست العقبة شيئاً فوق الشيء ، أراد أنّهم عراض الوجوه غلاظها. لسان العرب ١٠ / ٢٢٠.