وأبو جعفر ، فكلّمه فيما أراد ثمّ ولّى ، فقال هشام : إنّ هذا الشيخ قد خرف وأهترّ ؛ يقول : إنّ هذا الأمر سينتقل إلى ولده! فسمع علي بن عبد الله كلامه ، فالتفت إليه وقال : إي والله ليكونن ذلك ، وليملكن هذان.
وقد روى أبو العباس المبرّد في كتاب (الكامل) هذا الحديث ، فقال : دخل علي بن عبد الله بن العباس على سليمان بن عبد الملك فيما رواه محمد بن شجاع البلخي ، ومعه ابنا ابنه الخليفتان بعد : أبو العباس وأبو جعفر ، فأوسع له على سريره وبرّه ، وسأله عن حاجته ، فقال : ثلاثون ألف درهم عليّ دين ، فأمر بقضائها. قال : واستوص بابني هذين خيراً ، ففعل ، فشكره علي بن عبد الله ، وقال : وصلتك رحم ، فلمّا ولّى قال سليمان لأصحابه : إنّ هذا الشيخ قد اختلّ وأسن وخلط ، وصار يقول : إنّ هذا الأمر سينتقل إلى ولده! فسمع ذلك علي بن عبد الله ، فالتفت إليه وقال : إي والله ليكونن ذلك ، وليملكن هذان. قال أبو العباس المبرّد : وفي هذه الرواية غلط ؛ لأنّ الخليفة في ذلك الوقت لم يكن سليمان ، وإنّما ينبغي أن يكون دخل على هشام ؛ لأنّ محمد بن علي بن عبد الله بن العباس كان يحاول التزويج في بني الحارث بن كعب ، ولم يكن سليمان بن عبد الملك يأذن له ، فلمّا قام عمر بن عبد العزيز جاء فقال : إنّي أردت أن أتزوّج ابنة خالي من بني الحارث بن كعب ، فتأذن لي؟ فقال عمر بن عبد العزيز : تزوّج يرحمك الله مَنْ أحببت. فتزوّجها فأولدها أبا العباس السفاح وعمر بن عبد العزيز بعد سليمان.
وأبو العباس ينبغي ألا يكون تهيّأ لمثله أن يدخل على خليفة حتّى يترعرع ، ولا يتمّ مثل هذا إلاّ في أيام هشام بن عبد الملك.
قال أبو العباس المبرّد : وقد جاءت الرواية أنّ أمير المؤمنين علياً عليهالسلام لمّا ولد لعبد الله بن العباس مولود فقده وقت صلاة الظهر.
فقال : «ما بال ابن العباس لم يحضر؟».
قالوا : ولد له ولد ذكر يا أمير المؤمنين.