فلمّا اصطفّ الناس مال عتاب بن ورقاء فذهب ، وكان على خيل أهل الكوفة ، وجعل إبراهيم يقول لرجل رجل : تقدّم فيأبون عليه ، فتقدّم هو وقاتل حتّى قُتل. ثمّ تقدّم مصعب فقال لحجّار بن أبجر : تقدّم يا أبا أسيد إلى هؤلاء الأنتان. قال : ما تتأخّر إليه أنتن. ثمّ قال للغضبان بن القَبَعْثَرى : تقدم يا أبا السِّمط. فقال : ما أرى. ثمّ التفت إلى قطن بن عبد الله الحارثي وهو على مذحج وأسد ، فقال : تقدّم. فقال : أسفك دماء مذحج في غير شيء (١).
قال المدائني : سار مصعب وحوله نفر يسير ، وقد خذله أهل العراق لعِدَة عبد الملك إيّاهم ، ووعد حجّار بن أبجر ولاية إصبهان ، ووعدها غضبان بن القَبْعَثرَى ، وعتاب بن ورقاء ، وقطن بن عبد الله الحارثي ، ومحمد بن عمير بن عطارد (٢).
مقتل مصعب وانتصار عبد الملك :
قال عروة بن المغيرة : خرج مصعب يسير ، فوقعت عينه عليَّ. فقال : ياعروة ، كيف صنع الحسين عليهالسلام؟ فأخبرته بإبائه النزول على حكم ابن زياد ، وعزمه على الحرب ، فقال :
إنّ الاُلى بالطفّ من آلِ هاشمٍ |
|
تآسوا فسنُّوا للكرامِ التآسيا |
والبيت لسليمان بن قتة.
فقاتل مصعب حتّى قُتل (٣). كان ذلك سنة اثنتين وسبعين ، قُتل في مسكن.
قال أبو نعيم : قُتل مصعب وهو ابن ست وثلاثين سنة.
ثمّ وجّه عبد الملك الحجّاج إلى عبد الله بن الزبير ، وجعل على شُرَط الكوفة قطن بن
__________________
(١) أنساب الأشراف ٧ / ٩٤.
(٢) ونقل البلاذري في أنساب الأشراف أنّ عمرو بن حريث ، وكان خليفة مصعب على الكوفة ، ممّن كاتب عبد الملك ، وكان مائلاً إليه.
(٣) أنساب الأشراف ٧ / ٩٨.