وكتب عبد الملك إلى الحجّاج أيضاً : أن جمِّر أهل العراق ، وتابع عليهم البعوث ، واستعن عليهم بالفقر ؛ فإنّه جند الله الأكبر. ففعل ذلك بهم سنتين ، ثمّ أعطاهم بعد ذلك عطاءهم (١).
الكوفة على عهد الوليد :
قال اليعقوبي : وكتب الوليد إلى خالد بن عبد الله القسري (عامله على الحجاز) يأمره بإخراج مَنْ بالحجاز من أهل العراقين وحملهم إلى الحجّاج بن يوسف ، فبعث خالد إلى المدينة عثمان بن حيان المري لإخراج مَنْ بها من أهل العراقين ، فأخرجهم جميعاً ـ وجماعاتهم في الجوامع ـ إلى الحجّاج ، ولم يترك تاجراً ولا غير تاجر ، ونادى : ألا برئت الذمّة ممّن آوى عراقياً. وكان لا يبلغه أنّ أحداً من أهل العراق في دار أحد من أهل المدينة إلاّ أخرجه (٢).
قال ابن عساكر : أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، عن أبي محمد الجوهري ، عن أبي عمر بن حيوية ، أنا سليمان بن إسحاق ، نا الحارث بن أبي أسامة ، نا محمد بن سعد ، أنا محمد بن عمر الواقدي ، قال : فحدّثني محمد بن عبد الله بن أبي حرّة عن عمّه قال : رأيت عثمان بن حيان أخذ عبيدة بن رباح ومنقذ العراقي في أناس من أهل العراق فحبسهم ، ثمّ بعث بهم في جوامع إلى الحجّاج بن يوسف ، ولم يترك بالمدينة أحداً من أهل العراق تاجراً ولا غير تاجر من كلّ بلد إلاّ أُخرجوا ، فرأيتهم في الجوامع. وسمعته يخطب على المنبر وهو يقول بعد حمد الله : أيّها الناس ، إذا وجدنا أهل غش لأمير المؤمنين في قديم الدهر وحديثه ، وقرضوا إليكم مَنْ لا يزيدكم إلاّ خبالاً أهل العراق ؛ هم أهل الشقاق والنفاق ، وهم والله عش النفاق ، وبيضته التي انفلقت عنه. والله ما سبرت عراقياً قطّ فوجدت عنده
__________________
(١) أنساب الأشراف ٧ / ٣٥٨.
(٢) لا نعلم في أيّ سنة ، ولكنّ اليعقوبي كان قد ذكر قبله حوادث سنة ٩٢ ، وذكر بعده حوادث سنة ٩٥ هجرية.