وبين عدوّ الله ابن الزبير. فقال لهم : إنّي لا أستحلّ القتال في حرم الله.
فقال ابن الزبير : أتحسبون أنّي مخلّ سبيلهم دون أن يبايع ويبايعوا؟ فقال أبو عبد الله الجدلي : إي وربّ الركن والمقام ، وربّ الحلّ والحرام ، لتخلينّ سبيله أو لنجالدنك بأسيافنا جلاداً يرتاب منه المبطلون.
فقال ابن الزبير : والله ما هؤلاء إلاّ أكلة رأس ، والله لو أذنت لأصحابي ما مضت ساعة حتّى تقطف رؤوسهم. فقال له قيس بن مالك : أما والله إنّي لأرجو أن رمت ذلك أن يوصل إليك قبل أن ترى فينا ما تحبّ.
فكفّ ابن الحنفيّة أصحابه وحذّرهم الفتنة ، ثمّ قدم أبو المعتمر في مئة ، وهانئ بن قيس في مئة ، وظبيان بن عمارة في مئتين ومعه مال حتّى دخلوا المسجد فكبّروا : يا لثارات الحسين! فلما رآهم ابن الزبير خافهم ، فخرج محمد بن الحنفيّة ومَنْ معه إلى شعب علي وهم يسبّون ابن الزبير ، ويستأذنون ابن الحنفيّة فيه ، فيأبى عليهم ، فاجتمع مع محمد بن علي في الشعب أربعة آلاف رجل ، فقسّم بينهم ذلك المال.
الحرب مع أهل الشام :
روى الطبري عن هشام بن محمد ، عن عوانة بن الحكم : أنّ مروان بن الحكم لمّا استوسقت له الشام بالطاعة ، بعث جيشين ؛ أحدهما إلى الحجاز عليه حبيش بن دلجة القيني ، وقد ذكرنا أمره وخبر مهلكه قبل ، والآخر منهما إلى العراق عليهم عبيد الله بن زياد ، وقد ذكرنا ما كان من أمره وأمر التوابين من الشيعة بعين الوردة. وكان مروان جعل لعبيد الله بن زياد إذ وجّهه إلى العراق ما غلب عليه ، وأمره أن ينهب الكوفة إذا هو ظفر بأهلها ثلاثاً.
قال الطبري : ثمّ دخلت سنة سبع وستين ، ذكر الخبر عمّا كان فيها من الأحداث فممّا كان فيها من ذلك مقتل عبيد الله بن زياد ومَنْ كان معه من أهل الشام.