قطّ كانت أطيب ، ولا أهنأ في نفسي من هذه. فلمّا فرغ من الأكل قال : جرّوا بأرجلهم وألقوهم في الطريق ليلعنهم الناس أمواتاً ، كما لعنوهم أحياء.
قال : فلقد رأينا الكلاب تجرّهم بأرجلهم ، وعليهم سراويلات الوشى حتّى أنتنوا ، ثمّ حفرت لهم بئر فألقوا فيها.
وروى أبو الفرج في الكتاب المذكور أنّ سديفاً أنشد أبا العباس وعنده رجال من بني اُميّة ، فقال :
يابنَ عمِّ النبي أنتَ ضياءٌ |
|
استبنّا بكَ اليقينَ الجليّا |
جرّدِ السيفَ وارفعِ العفو حتى |
|
لا ترى فوقَ ظهرها اُمويّا |
قطن البغض في القديمِ وأضحى |
|
ثابتاً في قلوبهم مطويّا |
وهي طويلة ، فقال أبو العباس : يا سديف ، خُلق الإنسان من عجل! ثمّ أنشد أبو العباس متمثّلاً :
أحيا الضغائنَ آباءٌ لنا سلفوا |
|
فلن تبيدَ وللآباءِ أبناءُ |
ثمّ أمر بمَنْ عنده فقتلوا.
وروى أبو الفرج أيضاً ، عن على بن محمد بن سليمان النوفلي ، عن أبيه ، عن عمومته ، أنّهم حضروا سليمان بن علي بالبصرة ، وقد حضر جماعة من بني اُميّة عنده ، عليهم الثياب الموشاة (١) المرتفعة ـ قال أحد الرواة المذكورين : فكأنّي أنظر إلى أحدهم وقد أسودّ شيب في عارضيه من الغالية ـ فأمر بهم فقتلوا وجرّوا بأرجلهم ، فألقوا على الطريق ، وأنّ عليهم لسراويلات الوشى ، والكلاب تجرّهم بأرجلهم.
وروى أبو الفرج الأصفهاني ، قال : أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، عن عمر بن شبة ، قال : قال سديف لأبي العباس يحضّه على بني اُميّة ، ويذكر مَنْ قتل مروان وبنو أميّة من أهله :
__________________
(١) الموشاة : الوشي هو نقش الثوب ، ويكون كلّ من لون.