وكان قمر بني هاشم يجري الفرس ملأ فروجه كاملاً حاملاً السقاء قبل أن يمزق لعلّه يبلغ به المخيّم فيسقي العيال والأطفال ، ولكن سهماً اخترق السقاء فأُريق الماء وأتاه سهم فوقع في صدره ، وخرج عليه لعين من بني دارم وبيده عمود فضربه على أُمّ رأسه فالتوى عن ظهر جواده ووقع على الأرض وصاح بأعلى صوته : « يا أخي أدرك أخاك » فجائه الحسين عليهالسلام كأنّه الشهاب الثاقب ووقف عند رأسه ، فرآه ظمئاناً إلى جانب الفرات مخضّباً بالدم مقطوع اليدين موزّعاً بالسيوف إرباً إرباً ، فكان ينظر إليه ويبكي ويقول : الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوّي ، وأنشأ يقول :
تعدّيتم يا شرّ قوم ببغيكم |
|
وخالفتم دين النبيّ محمّد |
أما كان خير الرسل أوصاكم بنا |
|
أما نحن من نسل النبيّ المسدّد |
أما كانت الزهراء أُمّي دونكم |
|
أما كان من خير البريّة أحمد |
لُعنتم وأُخزيتم بما قد جنيتم |
|
فسوف تلاقوا حرّ نار توقّد |
* * *
وبان الانكسار في جبينه |
|
فاندكّت الجبال من حنينه |
كافل أهله وساقي صبيته |
|
وحامل اللوا بعالي همّته |
وكيف لا وهو جمال بهجته |
|
وفي محيّاه سرور مهجته |
ينظر إلى مصرع صنوه المحبوب وهيكل البسالة وعنوان القداسة فوق الصعيد وقد غشيته الدماء السائلة وجلّلته النبال ، ورأى ذلك الغصن الباسق قد أصابته الذبول فلا يمين تبطش ، ولا منطق يرتجز ، ولا صولة ترهب ، ولا عين تبصر ، فلم يبق للحسين إلّا هيكلاً شاخصاً معرّى من لوازم الحياة ، وقد أعرب عليهالسلام عن هذه الحال بقوله : وا أخا !
اى کشتهٔ راه داور من |
|
اى پشت وپناه لشکر من |