شاء الله ، إلى أن يقول عن الحوراء زينب عليهاالسلام أنّها لأخيها الحسين عليهالسلام : أخي ، هل استعلمت من أصحابك نيّاتهم فإنّي أخشى أن يسلموك عند الوثبة واصطكاك الأسنّة ، فبكى عليهالسلام وقال : أما والله لقد نهرتهم وبلوتهم وليس فيهم إلّا الأشوس الأقعس ، يستأنسون بالمنيّة دوني استئناس الطفل بلبن أُمّه.
فلمّا سمع هلال ذلك بكى رقّة ورجع وجعل طريقه على منزل حبيب بن مظاهر ، فرآه جالساً وبيده سيف مصلت ، فسلّم عليه وجلس على باب الخيمة ، ثمّ قال له : ما أخرجك يا هلال ؟ فحكيت له ما كان ، فقال : أي والله لولا أمره لعاجلتهم وعالجتهم هذه الليلة بسيفي ، ثمّ قال هلال : يا حبيب ، فارقت الحسين عليهالسلام عند أُخته وهي في حال وجل ورعب وأظنّ أنّ النساء أفقن وفارقنها في الحسرة والزفرة ، فهل لك أن تجمع أصحابك وتواجههنّ بكلام يسكن قلوبهنّ ويذهب رعبهنّ فلقد ... منها ما لا قرار لي مع بقائه ، فقال له : طوع إرادتك.
فبرز حبيب ناحية وهلال إلى جانبه وانتدب أصحابه فتطالعوا من منازلهم (١) فلمّا اجتمعوا قال لبني هاشم : ارجعوا إلى منازلكم لا سهرت عيونكم ، ثمّ خطب أصحابه وقال : يا أصحاب الحميّة وليوث الكريهة ، هذا هلال يخبرني الساعة بكيت وكيت ، وقد خلّف أُخت سيّدكم وبقايا عياله يتشاكين ويتباكين ، أخبروني عمّا أنتم عليه ، فجرّدوا صوارمهم ورموا عمائمهم ، وقالوا : يا حبيب ، أما والله الذي منّ علينا بهذا الموقف لئن زحف القوم لنحصدنّ رؤوسهم ولنلحقنّهم بأشياخهم أذلّاء صاغرين ، ولنحفظنّ وصيّة رسول الله صلىاللهعليهوآله في أبنائه وبناته. فقال : هلمّوا
__________________
(١) يتأنّق المؤلّف أحياناً في ترجمة العبارة فيضيف إليها من أدبه ما ليس منها من قبيل قوله : طلع الأصحاب كما تطلع الكواكب من أبراجها وأنا أضطرّ إلى عدم مجاراته لأنّي أنقل نصّ المصدر الذي اعتمد عليه المؤلّف وليس من حقّي التصرّف فيه. (المترجم)