فقالوا : ما حاجتك ؟ فقال : إنّي قد أتيتكم بخير ما أتى به وافد إلى قوم ، أتيتكم أدعوكم إلى نصرة ابن بنت نبيّكم فإنّه وعصابة من المؤمنين الرجل منهم خير من ألف رجل ، لن يخذلوه ولن يسلّموه أبداً ، وهذا عمر بن سعد قد أحاط به أنتم قومي وعشيرتي ، وقد أتيتكم بهذه النصيحة فأطيعوني اليوم في نصرته تنالوا به شرف الدنيا والآخرة ، فإنّي أُقسم بالله لا يقتل أحد منكم في سبيل الله مع ابن بنت رسول الله محتسباً إلّا كان رفيقاً لمحمّد صلىاللهعليهوآله في علّيّين.
قال : فوثب إليه رجل من بني أسد يقال له عبدالله بن بشر ، فقال : أنا أوّل من يجيب إلى هذه الدعوة ، ثمّ جعل يرتجز ويقول :
قد علم القوم إذا تواكلوا |
|
وأجحم الفرسان إذ تثاقلوا (١) |
إنّي شجاع بطل مقاتل |
|
كأنّني ليث عرين باسل |
ثمّ تبادر رجال الحيّ حتّى التأم منهم تسعون رجلاً فأقبلوا يريدون الحسين عليهالسلام وخرج رجل في ذلك الوقت من الحيّ حتّى صار إلى عمر بن سعد فأخبره بالحال ، فدعا ابن سعد برجل من أصحابه يقال له الأزرق فضمّ إليه أربعمائة فارس ووجّه نحو حيّ بني أسد ، فبينما أُولئك القوم قد أقبلوا يريدون عسكر الحسين عليهالسلام في جوف الليل إذ استقبلتهم خيل ابن سعد على شاطئ الفرات وبينهم وبين عسكر الحسين اليسير ، فناوش القوم بعضهم بعضاً واقتتلوا قتالاً شديداً ، وصاح حبيب بن مظاهر بالأزرق : ويلك ما لك ولنا ، انصرف عنّا ودعنا يشقى بنا غيرك ، فأبى الأزرق أن يرجع ، وعلمت بنو أسد أنّه لا طاقة لهم بالقوم فانهزموا راجعين إلى حيّهم ، ثمّ إنّهم ارتحلوا في جوف الليل خوفاً من ابن سعد أن يبيّتهم ، ورجع حبيب بن مظاهر إلى الحسين عليهالسلام فخبّره بذلك ، فقال عليهالسلام :
__________________
(١) تناضلوا ، هكذا رواها المؤلّف.