يصدق عليه أنّه غصب حقوقهم.
بل هكذا القول في الأوقاف الخاصّة ، أي لا نلتزم فيها بالتمليك ، مع ذلك نلتزم فيها بصدق عنوان الغصبيّة ، كما أنّ ظاهر الحديث وكذلك عبارات الفقهاء في حقيقة الوقف هو أنّه تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة ، فينكشف من ذلك أنّهم اعتبروا للتمليك مراتب.
منها : تمليك العين بجميع تشخّصات وجودها ومراتب وجودها ، كما في التمليك في البيع والهبة ونحوهما.
[و] منها : تمليكها بجهة من وجودها ؛ مثل تمليك منافعها مثل الإجارة ، والأوقاف الخاصّة ، فهذه الحيثيّة من وجود العين فيهما يصير ملكا للمستأجر والموقوف عليهم ، ولذلك لهم القلب والانقلاب في هذه الحيثيّة من الوجود بأيّ نحو شاءوا ، ولكن بحيث لم يتعدّ عن المنافع ويصل التصرّف بالعين.
ولعلّه لمّا رأوا أنّ للموقوف عليهم في الأوقاف الخاصّة التصرّف فيها ـ أي في منافعها ـ بأيّ نحو شاءوا فالتزموا بالتمليك فيها ، فأشكل عليهم الأمر ، ووردت عليهم الإشكالات المذكورة في محلّها.
وقد تبيّن أنّه لا داعي لذلك ، ولا ضرورة تقتضيه ، مع أنّه يلزم أن نجعل للواقف حقائق مختلفة ، ففي الأوقاف العامّة نلتزم بالتحرير والإيقاف ، وفي الخاصّة بالتمليك.
ومنها : ما يكون تمليكا لجهة من وجود العين أضعف من الجهة الثانية ، وهي جهة الانتفاع من العين كما في العارية والأوقاف العامّة ، ففي مثلهما ليس تمليكا للمنفعة ولا العين ، ولذلك ليس للمستعير ولا الموقوف عليهم القلب