جميع الأحكام التي من جملتها المناكحة.
وقوله تعالى (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) (١) ، نخصه بنكاح المتعة ، فإنه جائز عندنا على الكتابيات ، أو نحمله على ما إذا كن مسلمات ، بدليل ما قدمناه ، ولا يمتنع أن يكون من جهة (٢) الشرع قبل ورود هذا البيان فرق بين من آمنت بعد كفر ، وبين من لم تكفر أصلا ، فيكون في البيان لإباحة نكاح الجميع فائدة ، وليس لأحد مع جواز هذا أن يقول : قد أغنى عما اشترطتموه من إسلام الكتابيات قوله تعالى (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ).
فإن قالوا : لستم بتخصيص هذه الآية بما ذكرتموه ، لتسلم لكم ظواهر آياتكم بأولى منا إذا خصصنا ظواهركم بالمرتدات والحربيات ، ليسلم لنا ظاهر الآية التي نستدل بها؟! قلنا : غير مسلم لكم التساوي في ذلك ، بل نحن أولى بالتخصيص منكم ، لأنكم تعدلون عن ظواهر كثيرة ، ونحن نعدل عن ظاهر واحد ، وإذا كان العدول عن الحقيقة إلى المجاز إنما يفعل للضرورة ، فقليله أولى من كثيره بغير شبهة.
وأما أقسام النكاح المباح فثلاثة : نكاح غبطة ، ونكاح متعة ، ونكاح بملك اليمين.
ونكاح المستدام مستحب بلا خلاف إلا من داود ، فإنه قال : واجب ، ويدل على ما قلناه بعد إجماع الطائفة قوله تعالى (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) ، إلى قوله (فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) (٣) ، لأنه تعالى علق ذلك باستطابتنا ، وما كان كذلك فليس بواجب ، ولأنه خير بينه وبين ملك اليمين ، والتخيير لا يكون بين واجب ومباح ، ولأن ذلك يقتضي جواز الاقتصار على ملك اليمين ،
__________________
(١) المائدة : ٥
(٢) في «س» : من جملة.
(٣) النساء : ٣.