وإذا اختص تحريمه بجنس دون جنس ، فما المنكر من اختصاصه بمكلف دون مكلف؟
الفصل الثالث
وأما السّلم (١) فشرائطه الزائدة التي تخصه أربعة : ذكر الأجل المعلوم ، وذكر موضع التسليم ، وأن يكون رأس المال مشاهدا ، وأن يقبض في مجلس العقد ، بدليل الإجماع من الطائفة ، ولأنه لا خلاف في صحته مع تكامل هذه الشروط ، ولا دليل على ذلك إذا لم يتكامل ، ويحتج على المخالف في اعتبار الأجل المعلوم بما رووه من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أسلف فليسلف في كيل معلوم إلى أجل معلوم (٢) ، وظاهر الأمر في الشرع يقتضي الوجوب.
ولا يجوز التأجيل إلى الحصاد أو الدياس أو ما أشبه ذلك مما يختلف زمانه ، بدليل الإجماع الماضي ذكره ، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تتبايعوا إلى الحصاد ولا إلى الدياس ولكن إلى شهر معلوم (٣) ، وهذا نص.
ولا يجوز السلف فيما لا ينضبط بوصف يتميز به ، كالمعجونات ، والمركبات ، والخبز ، واللحم ـ نيئا كان أو مطبوخا ـ وروايا الماء ، ولا في المعدودات كالجوز والبيض إلا وزنا ، ويجوز السلف في الحيوان بدليل الإجماع المشار إليه ، ويحتج على
__________________
(١) السلم والسلف : هو ابتياع كلي مؤجل بثمن حال عكس النسيئة ، ويقال للمشتري «المسلم» بكسر اللام ، وللثمن «المسلم» بفتحها ، وللبائع «المسلم إليه» وللمبيع «المسلم فيه». ومن خواصه ان كل واحد من البائع والمشتري صالح لأن يصدر منه الإيجاب والقبول من الآخر. لاحظ وسيلة النجاة ج ١ ، ص ٤٢٢ ، تأليف الفقيه السيد أبو الحسن الأصفهاني ـ قدسسره. أقول : وسمي سلما لتسليم رأس المال فيه ويسمى سلفا لتقديم رأس المال فيه. لاحظ التاج الجامع : ٢ ـ ٢١٥.
(٢) سنن البيهقي : ٦ ـ ١٨ باب جواز السلف. وكنز العمال : ٦ ـ ٢٤١ وجامع الأصول : ٢ ـ ١٧ والتاج الجامع للأصول : ٢ ـ ٢١٥ والمغني لابن قدامة : ٤ ـ ٣٥١.
(٣) الشافعي : الأم : ٣ ـ ٩٦ وابن قدامة : المغني : ٤ ـ ٣٥٦.