الفصل الرابع
وأما ما يتعلق بالبيع من الأحكام فقد مضى في خلال الفصول المقدمة منه مما يناسبها ، وبقي ما نذكر منه اللائق بغرض الكتاب.
واعلم أن من حكم البيع وجوب تسليم المعقود عليه في الحال إذا لم يشرط التأجيل بلا خلاف ، فإن تشاحا وقال كل واحد منهما : لا أسلم حتى اتسلم ، فعلى الحاكم إجبار البائع على تسليم المبيع أولا ، لأن الثمن إنما يستحق على المبيع ، فوجب الإجبار على تسليمه ، ليستحق الثمن ، فإن امتنع البائع من التسليم حتى هلك المبيع ، فهلاكه من ماله على كل حال ، ويبطل العقد لتعذر تسليمه ، وإن كان قبضه المشتري فهلك ، وقد لزم البيع ، فهلاكه من ماله دون مال البائع ، سواء كان قبضه أو رضي بتركه في يد البائع.
والقبض فيما لا يمكن نقله ، كالأرضين التخلية ورفع الحظر ، وكذا حكم ما يمكن ذلك فيه ، مما يتصل بها من الشجر وثمره المتصل به والبناء ، وفيما عدا ذلك التحويل والنقل ، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
ويكره بيع المرابحة بالنسبة إلى الثمن ، كقوله : ثمن هذه السلعة كذا ، وقد بعتكها برأس مالي وربح درهم في كل عشرة ، والأولى تعليق الربح بعين المبيع.
ومن ابتاع شيئا بثمن مؤجل لم يجز أن يبيع مرابحة حتى يخبر بذلك ، فإن باع ولم يخبر بالأجل صح البيع بلا خلاف ، إلا أن المشتري إذا علم ذلك كان بالخيار (١) بين أن يدفع الثمن حالا وبين أن يرد بالعيب ، لأن ذلك تدليس في الثمن.
ومن قال لغيره : هذه السلعة علي بمائة ، بعتكها بربح درهم في كل عشرة ،
__________________
(١) في الأصل : فهو بالخيار.