فصل في الوقف
تفتقر صحة الوقف إلى شروط :
منها : أن يكون الواقف مختارا مالكا للتبرع ، فلو وقف وهو محجور عليه لفلس ، لم يصح.
ومنها : أن يكون متلفظا بصريحه ، قاصدا له وللتقرب به إلى الله تعالى.
والصريح من ألفاظه : وقفت وحبست وسبلت ، فأما قوله : تصدقت ، فإنه يحتمل الوقف وغيره ، وكذا حرمت وأبدت ، مع أنه لم يرد بهما عرف الشرع ، فلا يحمل على الوقف إلا بدليل ، ومن أصحابنا من اختار القول بأنه لا صريح في الوقف إلا قوله : وقفت (١). ولو قال : تصدقت ، ونوى به الوقف ، صح فيما بينه وبين الله تعالى ، لكن لا يصح في الحكم ، لما ذكرناه من الاحتمال.
ومنها : أن يكون الموقوف معلوما مقدورا على تسليمه ، يصح الانتفاع به ، مع بقاء عينه في يد الموقوف عليه ، وسواء في ذلك المنقول وغيره ، والمشاع والمقسوم ، بدليل إجماع الطائفة.
ويحتج على المخالف في وقف المنقول بخبر أم معقل (٢) فإنها قالت : يا رسول الله إن أبا معقل (٣) جعل ناضحة في سبيل الله ، وأنا أريد الحج فأركبه؟
__________________
(١) الشيخ : المبسوط : ٣ ـ ٢٩٢.
(٢) أم معقل الأسدية ويقال الأشجعية زوجة أبي معقل ، قيل : روت عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عشرة أحاديث ، وروى عنها الأسود بن يزيد ويوسف بن عبد الله بن سلام وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث لاحظ أعلام النساء : ٥ ـ ٦٤ وتهذيب التهذيب : ١٢ ـ ٤٨٠ وأسد الغابة : ٥ ـ ٦٢٠.
(٣) أبو معقل الأنصاري لاحظ ترجمته في أسد الغابة : ٥ ـ ٣٠١.