فعن الشافعية والحنابلة أنّ المعنى الذي لاَجله حرم الوصل هو التدليس مطلقاً ، سواء شعر الآدمي أو غيره.
أقول : وهذا هو الذي اخترته وقلت لا إنه يحرم اذا لم يتحقق فيه التدليس.
واعلم أنّ التدليس غير محرم لذاته وانما يحرم لاَجل الاِضرار بالغير ، فلا بأس به في غيره كما في الهبات والضيافات وبغرض حفظ الوقار والمقام عند الناس ، وأيضاً لا يصدق التدليس بفعل يوجب مجرد رغبة المشتري والخاطب مع علمهما بحقيقة الحال ، وإلاّ فيحرم مطلق التزيين كلبس اللباس الملون وتسريح الشعر وقصر اللحية للرجال ونحو ذلك ، على أنّ جملة مما مثلوه للتدليس فهو من أفراد التزيين في هذه الازمان بل في كثير من الازمنة السابقة لعلم الرجال والنساء بالحال. وكأن الفقهاء كانوا منعزلين عن هذه الاَشياء والاعمال وأهلهما فظنوها من التدليس. وعلى كل تشخيص الموضوع موكول الى العرف ولا عبرة بنظر الفقيه (١).
وعن المالكية والظاهرية أنه التغيير ، فالتدليس بتغيير خلق الله (٢).
أقول : أمّا التدليس فقد عرفت حرمته فهو صحيح ، وأما تغيير خلق الله فصدقه على وصل الشعر ممنوع جداً وإلاّ لحرم قصره ولو جزئياً على المرأة وعلى الرجل ، وهو كما ترى واضح البطلان ، وكذا حرم ازالة الشعر عن جميع البدن. والاعتذار عن جواز ذلك بالتخصيص الشائع في الاَحكام باطل ، فإنّ تخصيص العمومات وتقييد المطلقات وإن كان أمراً شائعاً في
__________________
(١) لاحظ مادة التدليس في مكاسب الشيخ الاَنصاري قدس سره ص ٢١ وص ٢٢.
(٢) الرؤية الاسلامية لبعض الممارسات الطبية ص ٤٧٢.