المسألة الخامسة والثلاثون
هل هو شخص سابق أو جديد؟
إذا قدر الطب أنْ يحتفظ جسد المريض بالتبريد قبل موته قليلاً أو بعد موت الدماغ بدقائق فيحفظه خمسين أو مائة سنة مثلاً ثمّ اعاده إلى وضعه الذي كان عليه قبل التبريد وازال مرضه السابق فصار حياً سليماً (١) ، فهل هو انسان جديد أو انسان سابق؟
وهنا سؤال ثان وهو أنّ مثل هذا التبريد ما هو حكمه شرعاً؟
أما جواب السؤال الاَوّل فالواقع أنّ حقيقة الانسانية ليست بهذا الهيكل المحسوس وإنْ كان له دخل في أفعال الروح وتصوراتها وافكارها الى حد ، وانما قوامها بروحها الناطقة فان كان هذا الحي بالفعل من حيث عقائده وعلومه وذاكراته مثل ما كان في الحياة السابقة فهو ذاك الانسان السابق ، ويترتب عليه جميع أحكامه الشرعية وما يتعلق بروابطه الاجتماعية والحقوقية والاخلاقية ، وان لم يكن مثل السابق فيمكن أن يقال بأنّه شخص جديد.
هذا هو التصور الابتدائي في هذا المقام لكن الامر لا يخلو عن صعوبة ، وذلك أولاً ، مَن يعلم أنّ روحه ـ في الحياة الثانية ـ جديدة بعد إمكان زوال ذاكرته وتغير معلوماته وعروض النسيان عليه ، كما يقول بعض
__________________
(١) كما امكن ذلك في حق البييضة الملقحة على ما مرّ في بعض المباحث السابقة ، فيمكن غرسها في رحم المرأة بعد خمسين سنة من الانجماد مثلاً.