وعن موضع من التهذيب : كلّ شيء يكون منه حرام وحلال ... (١).
لكن الحديث لا يدلّ على المراد أمّا أولاً فلاختصاصه بالشبهات الموضوعية ظاهراً دون الشبهات الحكمية التي منها المقام كما هو غير خفي ، وأمّا ثانياً فلاَنه من جملة ما دلّ على إصالة البراءة ، وهو أصل ينفي الحكم وليس بمثبت لحكم تكليفي ولا لحكم وضعي كما في المقام ، حيث يُراد إثبات الملكية الاعتبارية.
فان قلت : البراءة تنفي العقاب بأخذ الثمن وأكله ـ وهذا هو المقصود ـ وان لم تثبت الملكية.
قلت : استصحاب عدم انتقال مال المشتري مقدم على البراءة ، وهو يقتضي حرمة التصرف في المال المذكور.
واذا بلغ الكلام الى هذا فينبغي أن ندع الاَُصول العملية نتمسك باطلاق ما دلّ على صحّة البيع والتجارة ، كقوله تعالى : ( أحلّ اللهُ البيعَ وحرّم الربا ) (٢) ، وقوله تعالى : ( إلاّ أنّ تكون تجارة عن تراض ) (٣) ، ولا يعتبر في المبيع إلاّ التمول أو الملك.
قال الشيخ الاَنصاري ـ قدس الله روحه الطيبة ـ في بحث شرائط العوضين من مكاسبه : يشترط في كلّ منهما كونه متمولاً لاَنّ البيع لغةً مبادلة مال بمال ، وقد احترزوا بهذا الشرط عمالا ينتفع به منفعة مقصودة للعقلاء محلّلة في الشرع : لاَنّ الاَوّل ليس بمال عرفاً كالخنافس والديدان ... والثاني ليس بمال شرعاً كالخمر والخنزير ، ثمّ قسموا عدم الانتفاع الى ما
__________________
(١) ج ٧ ص ٢٢٦. نسخة الكامبيوتر.
(٢) البقرة آية ٢٧٥.
(٣) النساء آية ٢٩.