اكثر منه ، والتي
كانت نتيجتها التبعية على السواء للأجنبي والمستعمر ، سوف لن تجدوا توقيع عالم اسلامي واحد ، لكنها مليئة ـ وللأسف الشديد ـ بأسماء وتواقيع اصحاب التعليم الحديث والمثقفين و « الحداثويين » وغير المتعصبين و « التقدميين » و « العلمانيين » ! وحتىٰ لو كان احد العلماء يريد ان يبيع
نفسه ويوقع اسفل احدىٰ تلك « المعاهدات الاستعمارية » ، كان قبل كل شيء يخلع عمامته وعباءته ويحلق لحيته ويعقد ربطة عنقه ، ثم يذهب الىٰ اوروبا مسافراً وهناك يعمد في نهر التايمز ، بعد ذلك يعود الينا بعنوان شخصية متعصرنة وتقدمية وذات ميول اوروبية وعلمانية ، ثم بعد ذلك كله يوقع علىٰ تلك المعاهدة. كما ان اول من قام بتوعية الناس واخطارهم حول مقاصد الاوروبيين المستعمرين هم العلماء المسلمين الرساليين ( لا المتنورين المقلدين للغرب ) ، لقد اعلنوا للناس ان اوروبا لم تأت لتنهب خيراتنا المادية فقط من ذهب وفضة ونحاس ونفط وقطن و ... الخ بل جاءت ايضاً لتدمير ثرواتنا الانسانية والثقافية ولسحق فضائلنا الاخلاقية ، واقتلاع جذورنا الدينية والتقليدية ، جاءت لسحق وجودنا وتاريخنا وشخصيتنا واسقاط كل ما نملك في الحضيض ! فكان العلماء الرساليون اول من واجه الامبريالية ولم يقتصر نشاطهم علىٰ الجانب السياسي والاقتصادي كما فعل القادة القوميين ، بل انهم قاوموا المستعمر من خلال اساس فكري وايديولوجي ومعنوي ، ففهموا الاستعمار بجميع اوجهه وخاصة في اكثرها خفية وخطورة وهو البعد والوجه الفكري والمعنوي والاخلاقي والعلمي ، انهم اشتبكوا مع ثقافته (١). ________________
(١) القاسطين والمارقين والناكثين : ٢٤١.