المسلّحة المرسلة من قبل الخليفة لم تتوقّع دخوله في سرداب بيته ، فإن إخفاء نفسه في بيته المداهم لم يكن متوقّعاً ، فمن المستبعد لديهم أنّ المهدي الملاحق من قبلها ، يختفي في مكان قريب منها ، ثمّ هو يخرج من بينهم خارج الدار ، وهم ينظرون إليه ، لعدم توقّعهم أنّ الملاحق هذا الفتى الذي يخرج من السرداب ، ولم يعرفوا شكله حيث أخفاه أبوه عن أعين العامّة ، فمتى يتاح للقوّة المداهمة معرفته ، وملاحقته بعد ذلك؟
هذا ما كان من خبر السرداب الذي ترويه الشيعة ، وهو الموافق تماماً للخطوات الاحترازية الأمنية المتّخذة من قبل أيّ شخص مطارد ، وقد دوهم بيته غيلة ، فضلاً عن المهدي عليهالسلام ، الذي اتّخذ في اختفائه خطوات طبيعية ، ثمّ هي مناورة سريعة غير مرتقبة لا من قبل النظام ، ولا من قبل القوّة المداهمة ، حيث أربكها تماماً ، واسقط ما في أيديها ، ورجعت خائبة لم تحقّق مهمّتها بعد ذلك.
إذاً ، لم تعد كلمة السرداب انتقاصاً لمسألة الغيبة ، حتّى يعدّها الآخرون عملية مستهجنة ، تدلل على سخف فكرة الغيبة ، فأصل الغيبة ومستلزماتها لا علاقة لها أصلاً بقضية السرداب ، إنّما هو مقدّمة تكتيكية كان الإمام قد عملها بعد مداهمة قوّات الأمن لبيته ، ثمّ يعاجلهم بعد ذلك بالخروج فوراً دون أدنى تأخير ، فلم تكن مسألة السرداب هي المعبّر عن الغيبة إذن.
ولم يقل أحد أن سيظهر من السرداب ، بل تردّد في الأحاديث أنّه يخرج في بيت الله الحرام ، نعم قد وردت زيارة في السرداب ، كما وردت زيارات في أماكن أُخرى ، بل تستحبّ زيارته في كُلّ مكان ، وفي كُلّ زمان.
إنّ اعتماد مفردات بسيطة مستهجنة سوف يوحي للآخرين شعوراً بالسخرية والاستخفاف ، وهكذا فإنّ اقتران أيّة فكرة مهما تكن عظيمة في جميع خطواتها بهذا النحو من المفردات الساذجة سيوحي بسذاجتها ، لما يتركه هذا الاقتران من انطباع نفسي لدى القارئ أو السامع ، فالسرداب الذي جعله البعض