وظهرت للمسلمين عموماً مباني وآراء جديدة لم تكن موجودة سابقاً ، لذلك تشعّبت آراؤهم واختلفت أحكامهم ، ممّا أدى ببعض العلماء إلى جمع هذه الآراء والأحكام المختلفة في كتب خاصة بها .
وكلّ واحد من أصحاب هذه الآراء والأحكام يذهب إلى صحّة ما يدّعيه ، ويُخطّئ من خالفه ، بل وصل الأمر إلى أكثر من هذا أحياناً ، إذ طعن بعضهم بمخالفه ورماه بالجهل ، بل بالفسق ، بل بالخروج عن المذهب ، أو الخروج عن الدين .
لذلك نشاهد بعض السنّة يذهب إلى تكفير الشيعة والطعن بأعلامهم ، لا لسبب ، بل لأنهم شيعة ، بل ذهبوا إلى أكثر من ذلك إذ وثّقوا مخالفيهم ورووا الحديث عنهم وإن كانوا ارتكبوا الجرائم البشعة كقتل الإمام الحسين عليهالسلام .
بل إنّ أتباع المذاهب السنيّة المختلفة طعن بعضهم بالبعض الآخر ، واتهمه بالخروج عن الدين أحياناً ، وسوف نورد جملة من هذه الأقوال قريباً .
والآن فلنورد هذا السؤال : ما الذي يمثّل رأي كلّ مذهب إسلامي ؟
فنقول : لا شكّ أنّ في كلّ مذهب آراء شاذّة ، أي قال بها عدد قليل من علماء ذلك المذهب . فهل أنّ هذه الآراء الشاذّة هي التي تمثّل ذلك المذهب ؟ أو أنّ الذي يمثّله آراء أكثر علماء المذهب ؟ الذي يعبّر عنه بالمشهور ؟
ومن الطبيعي أن يكون جواب : أنّ ما عليه أكثر علماء أي مذهب إسلامي هو الذي يمثّل رأي ذلك المذهب ، ولا يُلتفت إلى الآراء الشاذّة التي قال بها عدد قليل من العلماء .