كوكباً أكثر تطوّراً وهو الأرض ، وعلى مستوى الأحياء ، في البداية خلق حيوانات لا عقل لها مسيّرة لا مخيّرة ، ثمّ تطوّر الأمر إلى أن خلق الإنسان الذي يعتبر حيواناً متطوّراً بحكم وجود أداة العقل فيه .
سؤالي بشكل أدقّ : نحن نعرف الله بأنّه خالق لأنّه خلقنا ، وبالتالي أصبح خالق ، ولكن قبل أن يخلقنا هل هو خالق ؟
ج : بما أنّ سؤالكم ذو جهات مختلفة ومتميّزة ، فنرجو أن تتابعوا بدقّة وإمعان النقاط التالية ، حتّى يتّضح لكم الجواب :
أوّلاً : إنّ الاستدلال على وجود الله تعالى وصفاته الذاتية لا يتوقّف على وجود المخلوقات أو عدمها ، لأنّ الأدلّة العقلية القائمة في الموضوع هي أدلّة مستقلّة عن وجود المخلوق ، أي أنّها لا تنظر إلى ما سوى الباري تعالى ، كما هو مقرّر في علم الكلام .
وعليه ، فلا يعقل أن تعلّق معرفة الله تعالى بوجود الخلق ، أي إنّ ذاته المقدّسة وصفاته الذاتية أزلية أبدية ، لا تفتقر في وجودها إلى أيّ شيء آخر .
ثانياً : هناك تقسيم خاصّ بالنسبة لصفات الله سبحانه ، فما كانت منها قديمة وأزلية مع ذاته تعرف بالصفات الذاتية ، وما لم تكن كذلك فتسّمى بالصفات الفعلية .
والفارق بينهما أنّ القسم الأوّل لا يتوقّف وجوده على شيء غير ذاته المقدّسة ، فهو معها قديمة أزلية أبدية ؛ بخلاف القسم الثاني الذي يبتني تعريفه ـ وجوداً أو عدماً ـ على وجود أو عدم عالم الخلق ، أي إنّ ظهور هذا القسم الأخير يعتمد على وجود المخلوق .
ثالثاً : اتفق علماء الكلام على أنّ العلم ، والقدرة ، والإرادة ، والحياة ، والأزلية ، والأبدية كلّها من صفات الذات ، وأمّا بقية الصفات التي يصحّ إطلاقها على ذاته فهي بأجمعها صفات فعل .
وعلى سبيل المثال فصفة الرازقية والخالقية تعتبر من صفات الفعل ، أي أنّها لا يصحّ إسنادها إلى وجوده تعالى إلّا بعد ظهور الخلق .