ثانيها : الإعادة كذلك. وحكي عن المفيد (١) والحلي (٢) ، وبه قطع صاحب الحدائق (٣).
ويدلّ عليه أنّ دفع المال إلى غير مستحقه يوجب الضمان ، ولو كان من جهل. والأمر المتعلق من الشرع ظاهري يحكم بحصول الامتثال معه ما دام الجهل.
مضافا إلى أن الضمان ـ كما عرفت ـ من الأحكام الوضعيّة ، فلا يتفاوت الحال فيه مع العلم والجهل ، ولذا يحكم بالضمان في سائر المواضع ، ولو مع الجهل.
وخصوص الصحيح عن الحسين بن عثمان ، عمّن ذكره ، عن الصادق عليهالسلام : في رجل أعطى زكاة ماله رجلا وهو يرى أنه معسر ، فوجده موسرا؟ قال : « لا يجزي عنه » (٤).
وفيه : أن الرواية مرسلة خالية عن الجابر ، فلا حجة فيها ، وأصالة الضمان غير ناهضة على ثبوت الضمان في المقام ، فثبوت ولاية المالك على المال وتسلّطه في الدفع إلى من شاء من الفقراء ، والمفروض عدم وقوع تفريط ، ولا تعدّ منه إذا فعل الولي على المال ما عليه في حفظه وايصاله لم يتعقبه ضمان.
وقوله عليهالسلام : « على اليد ما أخذت حتى تؤدي » (٥) غير ظاهر الشمول لمثله ، سيّما بعد ظهور كون المالك أمينا بل وليا على المال حسبما أشرنا إليه.
نعم ، لو وقع منه تعدّ في المال أو تفريط فيه قضى ذلك بالضمان ، والمفروض عدمه.
وبذلك يظهر قوّة القول الأوّل.
ثالثها : التفصيل بين الاجتهاد وعدمه ، فلا ضمان عليه على الأول دون الأخير.
وحكي عن الفاضلين (٦) ؛ لأن المالك أمين فيجب عليه الاستظهار ، ومعه لا ضمان ، وأما مع التسامح فيه ضمن المال مع انتفاء المصادفة ؛ ولصحيحة عبيد بن زرارة ، ورواية زرارة
__________________
(١) المقنعة : ٢٦٠.
(٢) في ( ب ) : « الحلبي ».
(٣) الحدائق الناضرة ١٢ / ١٦٩.
(٤) الكافي ٣ / ٥٤٥ ، باب الرجل يعطي من الزكاة من يظن أنه معسر ثم يجده موسرا ح ١.
(٥) عوالي اللئالي ١ / ٢٢٤.
(٦) المعتبر ٢ / ٥٦٩ ، منتهى المطلب ١ / ٥٢٧.