تبصرة
[ في العاملين على الزكاة ]
الثالث من الأصناف : العاملين على الزكاة ، ولا خلاف عندنا كما نصّ عليه جماعة من علمائنا في استحقاقهم للزكاة.
وقد عزاه في التذكرة (١) إلى علمائنا أجمع.
وقد خالف فيه بعض العامة ، فقال : إنّه يعطي أجرة لا زكاة ، والآية (٢) الشريفة ظاهرة الدلالة على خلافه ؛ مضافا إلى إجماع الفرقة ـ على ما حكاه جماعة من الأجلّة ـ وما دلّ عليه من الروايات الخاصّة.
ثمّ إنّ قضية جعل القول المنقول عن بعض العامة مقابلا لما ذهب إليه الأصحاب كون المدفوع إليه عندنا على جهة الزكاة دون الأجرة. وقد نصّ عليه بعض المتأخرين.
والذي يستفاد من ظاهر الآية الشريفة أنّ الله سبحانه جعل للعاملين بإزاء عملهم حقّا في الزكاة سواء تصدّوا للعمل شرعا أو أرادوا بذلك إحراز ما جعله الله للعامل ، فيكون أخذه للحصّة حينئذ على غير وجه الأجرة أو الجعالة المجعولة من الحاكم ، فلا يستحق على الحاكم شيئا إذا أتى بالعمل على أحد الوجهين المذكورين ، وإنّما يستحقّ الحصّة المجعولة (٣) من الشرع خاصّة ، فهو نظير ما إذا نظر شيئا فردّ أحد عبده تبرعا أو لأن يستحق ذلك المال المنذور ، فجهة الاستحقاق في المقام مغايرة لجهة الاستحقاق الحاصل من الإجارة ونحوها ، وإن كانت الحكمة في وضعه ملاحظة العمل ، ولذا لا يسقط ذلك بالإسقاط بخلاف الأجرة ونحوها.
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٥ / ٢٤٥.
(٢) التوبة : ٦٠.
(٣) في ( د ) زيادة « له ».