وحكى في الكفاية قولا بأنّه من ملك عشرين ذهبا.
ولم نجد من حكم به ، وعلى فرضه فحمله على ظاهره مقطوع الفساد.
ثالثها : إنّ المناط في عدم استحقاق الزكاة القدرة على كفايته ، وكفاية من يلزمه كفايته على الدوام ، وعزي ذلك إلى الشيخ في المبسوط (١) ، وقد عبّر فيه بالنحو المذكور وقال بعده : فإن كان مكتفيا بصنعة وكانت صنعته ترد عليه كفايته وكفاية من يلزمه نفقته حرمت عليه ، وإن كانت لا ترد عليه حلّ له ذلك.
وحكي عن الخلاف نحوه أيضا.
وظاهر العبارة المذكورة أن يكون قادرا على كفاية مصارفه مدّة عمره سواء كان مالكا لها بالفعل أو كان قادرا على تحصيلها بالاكتساب ، فلا عبرة بما يملكه من كفاية سنة مع انتفاء القدرة بالنسبة إلى ما بعده.
وما يورد عليه من أنّ ذلك خلاف الضرورة إذ يلزم على ذلك عدم تحقق غنى أصلا ؛ لعدم العلم ببقاء المال أو حصول المنافع ؛ بيّن الاندفاع لابتناء الامور المذكورة على ظاهر الحال ، فالغرض من القدرة على ذلك هو القدرة عليه بحسب مجاري العادات.
نعم ، لو كانت حرفته أو بضاعته ترد عليه مؤنته سنة مع الشكّ عادة في الاجتزاء به لغيرها من السنين يتّجه القول بتحقق الاستحقاق على القول المذكور.
ولا ضرورة قاضية فيه بالمنع ، وإن كان الحق ذلك.
وكيف كان ، فهذا القول متروك بين الأصحاب إلّا أنّه اختاره من المتأخرين صاحب المفاتيح ، وهو بمكان من الضعف بل في إسناده إلى الشيخ بمجرد العبارة المزبورة تأمّل.
والفاضلان (٢) وغيرهما من الأصحاب لم ينسبوا إليه القول المذكور ، بل صرّح العلّامة في جملة من كتبه بإسناد القول الأول إليه ، ولم ينسب القول المذكور إلى أحد من الأصحاب في معظم الكتب المعتمدة المعدّة لذكر المسائل الخلافية.
__________________
(١) المبسوط ١ / ٢٥٦.
(٢) المعتبر ٢ / ٥٦٧ ، تذكرة الفقهاء ٥ / ٢٣٩.