عطل الإستفادة من قراءة القرآن كما عطّل نشاط أهل البيت ، وضرب عصفورين بحجر كما يقول المثل.
ثانياً : في آخر المحاورة ورد ( فبعث إليه بخمسين ألف درهم ) ، وفي رواية ( بمائة ألف درهم ) ، وفي ثالثة ( بمائتي ألف ) ، ولا يعنينا تحديد الرقم بمقدار ما يعنينا معرفة موقف ابن عباس من ذلك المال ، إذ لا شك أنّ معاوية إنّما أرسل إليه المال ـ قلّ أو كثر ـ رشوة لشراء سكوته ، ولكن هذا لم يحدث ، بل صار الأمر أكثر حدّة وشدّة ، واستمرّ ابن عباس في تبليغ رسالته ولم يعبأ بسخط معاوية أو رضاه ، كما لم يمتنع من أخذ ما يصله من عطاياه ، لأنّه يرى في نفسه وأهل بيته هم أصحاب الحقّ ، ولهم في بيت المال من الحقّ أكثر ممّا يعطيهم معاوية ، وله في ذلك محاورة سيأتي ذكرها.
ونعود إلى المحاورة لمعرفة زمانها ومكانها واختلاف الرواة فيها.
أمّا عن زمانها : فهو سنة ٤٤ من الهجرة حيث عزم معاوية على الحج وهي أوّل حجة له في حكومته. وإذا استقرينا الحوادث الّتي ارتكبها فأحاق شرّها بالمسلمين منذ توليه الحكم ، نجد أهمّها ممّا هو بالغ الشنعة في مخالفة الكتاب والسنّة هي :
١ ـ إعلانه سبّ الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على منابر المسلمين في جميع أمصار حكومته بقرار رسمي في سنة ٤١.
٢ ـ كتابته إلى الآفاق ببراءة الذمة ممّن روى حديثاً في مناقب الإمام وأهل بيته كسابقه.
٣ ـ استلحاقه زياد بن أبيه سنة ٤٤ ، وتسليطه له على المسلمين في العراقين الكوفة والبصرة ، فأذاقهم مرّ العذاب ، ومن الطبيعي أن يكون قد أغضب ذلك