قطع عليهم الطريق ، فلا يعرَضوا أنفسهم إلى حساب ابن عباس وربّما أدّى إلى العقاب.
أمّا عن شريحة الشعراء الهجّائين فيكفي ما صنعه ابن عباس مع عيينة بن مرداس ـ وحديثه : « قالوا : أتى عيينة بن مرداس ـ وهو ابن فسوة ـ عبد الله بن العباس (عليهما السلام) ، وهو عامل لعليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه على البصرة ـ وتحته يومئذ شميلة بنت جنادة ابن بنت أبي أزهر الزهرانية ، وكانت قبله تحت مجاشع بن مسعود السُلمي ـ فاستأذن عليه فأذن له ـ وكان لا يزال يأتي أمراء البصرة فيمدحهم فيعطونه ويخافون لسانه ـ فلمّا دخل على ابن عباس قال له ما جاء بك إليَّ يا بن فسوة؟ فقال له : وهل عنك مقصراً ، ووراءك معدَى ، جئتك لتعينني على مرؤتي وتصل قرابتي.
فقال له ابن عباس : وما مرؤة من يعصي الرحمن ويقول البهتان ، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل ، والله لئن أعطيتك لأعيننك على الكفر والعصيان ، انطلق فأنا أقسم بالله لئن بلغني أنّك هجوت أحداً من العرب لأقطعنّ لسانك.
فأراد الكلام فمنعه مَن حضر ، وحبسه يومه ذلك ، ثمّ أخرجه من البصرة ، فوفد إلى المدينة بعد مقتل عليّ (عليه السلام) ، فلقي الحسن بن عليّ (عليه السلام) وعبد الله بن جعفر (عليهما السلام) فسألاه عن خبره مع ابن عباس (عليه السلام) فأخبرهما ، فاشتريا عِرضه بما أرضاه ، فقال يمدح الحسن وابن جعفر (عليهما السلام) ويلوم ابن عباس (رضي الله عنهما) :
أتيت ابن عباس فلم يقض حاجتي |
|
ولم يرج معروفي ولم يخش منكري |
حبست فلم أنطق بعذر لحاجة |
|
وشُدّ خِصاص البيت من كلّ منظر |
وجئت وأصوات الخصوم وراءه |
|
كصوت الحمام في القليب المغوّر |