قال أبو حنيفة الدينوري : « وأقبل ابن عباس وشريح بن هانئ ومن كان معهما من أهل العراق إلى عليّ فأخبروه الخبر ، فقام سعيد بن قيس الهمداني فقال : والله لو اجتمعا على الهدى ما زادانا على ما نحن عليه بصيرة. ثمّ تكلم عامة الناس بنحو من هذا » (١).
قال ابن قتيبة : « وانصرف القوم إلى عليّ فقال عدي : أما والله يا أمير المؤمنين لقد قدّمت القرآن وأخّرت الرجال ، وجعلت الحكم لله ، فقال عليّ : أمّا إنّي قد أخبرتكم انّ هذا يكون بالأمس ، وجهدت أن تبعثوا غير أبي موسى فأبيتم عليَّ ، ولا سبيل لحرب القوم حتى تنقضي المدة » (٢).
وفي رواية المسعودي قال : « ولمّا بلغ عليّاً ما كان من أمر أبي موسى وعمرو قال : إنّي كنت تقدمت إليكم في هذه الحكومة ونهيتكم عنها ، فأبيتم إلاّ عصياني ، فكيف رأيتم عاقبة أمركم إذ أبيتم عليّ؟
والله إنّي لأعرف من حملكم على خلافي والترك لأمري ، ولو أشاء أخذه لفعلت ، ولكن الله من ورائه ـ يريد بذلك الاشعث بن قيس والله اعلم ـ وكنت فيما أمرت به كما قال أخو بني خثعم :
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى |
|
فلم يستبينوا الرشد إلاّ ضُحى الغد |
من دعا إلى هذه الحكومة فاقتلوه قتله الله ولو كان تحت عمامتي هذه ، إلاّ أنّ هذين الرجلَين الخاطئَين اللذين اخترتموهما حكمَين قد تركا حكم الله ،
____________
(١) الأخبار الطوال / ٢٠٢ ط تراثنا.
(٢) الإمامة والسياسة ١ / ١١٦ مط الأمة سنة ١٣٢٨ هـ.