وما علينا الآن إلاّ أن نلمّ ببعض النصوص التاريخية لنستعلم منها صفحات جهاده في صفين ، لتبدو مواقفه الناصعة النيّرة المشرقة.
قال نصر وأبو حنيفة الدينوري : « وقد استعمل على الميسرة عبد الله بن عباس ... وجعل في الميسرة ربيعة ... وجعل على قريش وأسد وكنانة عبد الله بن عباس ... » (١) ، وهذا الّذي تكاد تتفق عليه المصادر الأولى التاريخية ، وفي بعضها نجد : « وعبّأ عليّ بن أبي طالب أصحابه ... وجعل على خيل القلب عبد الله بن عباس والعباس بن ربيعة بن الحارث » (٢) ، ويصح جميع ذلك إذا عرفنا أنّ الحرب استدامت شهوراً وشهورا ، فلا مانع من تغيير مكان القيادة تبعاً لما تمليه حالة الحرب وتعبئة العدوّ.
فقد قال نصر : « فمكثوا على ذلك حتى كان ذو الحجة فجعل عليّ يأمر هذا الرجل الشريف فيخرج معه جماعة فيقاتل ، ويخرج إليه من أصحاب معاوية رجل معه آخر ... فاقتتل الناس ذا الحجة كلّه ، فلمّا مضى ذو الحجة تداعى الناس أن يكفّ بعضهم عن بعض إلى ان ينقضي المحرم ، لعل الله أن يجري صلحاً واجتماعاً ، فكفّ الناس بعضهم عن بعض » (٣).
ثمّ ذكر نصرَ وغيره أيضاً ـ تبادل الرسل بالمساعي الحميدة لكن معاوية بعناده لم يرضخ لقبول الحقّ.
____________
(١) وقعة صفين / ٢١٣ ، الأخبار الطوال / ١٧١.
(٢) تاريخ الفتوح لابن اعثم الكوفي ٣ / ٣٢.
(٣) وقعة صفين / ٢١٩ ـ ٢٢١.