الطبيعة .. » ١.
ونقول : انه لم يَدَّعِ أحد ، أنه حتى في يوم الوفاة لا بد من الفرح والسرور ، ولا يلزم من قول المجوِّزين للمواسم والذكريات ذلك.
بل هم يقولون : إن كل ذكرى ، لا بدَّ وأن يعمل فيها ما يناسبها ، ولأجل ذلك نجد الحملة الشعواء من ابن تيمية ، ومن لفَّ لفَّه ، على الروافض على إقامتهم المآتم في عاشوراء ، والأفراح في يوم الغدير ، ويوم المولد ، وأشباهه. أضف الى ذلك .. أنهم كما يقيمون الافراح في مثل يوم مولده ، ومبعثه صلَّى الله عليه وآله ، وسلم كذلك هم يقيمون العزاء ، والحزن في مثل يوم وفاته.
وأمّا كون يوم وفاته هو يوم ولادته فهو ليس مما ينبغي أن يقال هنا ، لأن الذكريات إنَّما تقام لصاحب الذكرى في كل عام مرة ، وهذا يتوقف على الاختلاف في تواريخ الذكريات من حيث موقعها من الأشهر ، والأيّام فيه.
ولا تقام في كل أسبوع مرة ، بحيث ينشغل الناس بها باستمرار ، وتختل أعمالهم ، وتتأثر مصالحهم ، حتى يقال : إنه قد اجتمع يوم الحزن وهو الوفاة يوم الاثنين ، مع يوم الفرح ، وهو الولادة يوم الاثنين.
هذا كله .. فضلا عن اعترافه أخيرا ، بان الفطرة قاضية بالفرح يوم المولد ، وبالحزن يوم الوفاة ، والناس قد عملوا في هذا الأمر تماما وفق مقتضيات الفطرة ، والذين يمنعون من ذلك هم المخالفون لأحكام الفطرة ، ولمقتضياتها .. كما هو ظاهر للعيان.
وليس ما نحن فيه إلّا أَدلَّ دليل على ذلك.
وأمّا ما ذكروه من أنَّ السلف ، لم يقيموا هذه المواسم ، ولم يفعلوا شيئاً من هذه الأعياد ، أو لم ينقل ذلك عنهم. فنقول :
١ ـ لسوف يأتي إن شاء الله تعالى أنَّ السلف قد احتفلوا ببعض الأعياد
__________________
١ ـ الانصراف في ما قيل في المولد من الغلو والإجحاف / ص ٥٤ / ٥٥ ، وراجع كلام الفاكهاني ص ٨٥ وفي ورسالة حسن المقصد للسيوطي ، الموجودة في الحاوي للفتاوي / ج ١ / ص ١٩٠ ـ ١٩٢ ، والقول الفصل / ص ٥١.