بمحله ، فكيف يمكن ان يتوهم صدق العنوان على وجه الحقيقة ، مع أنه لم يتحقق العنوان بعد ، فلا بد ان يكون على وجه المجاز بعلاقة الأول والمشارفة.
( الامر الثاني )
لا اشكال في اختصاص النزاع بالعناوين العرضية المتولدة من قيام أحد المقولات بمحالها ، وخروج العناوين الذاتية التي يتقوم بها الذات وما به قوام شيئية الشيء ، كحجرية الحجر ، وانسانية الانسان ، وما شابه ذلك من المصادر الجعلية التي بها قوام الشيء ، فلا يصح اطلاق الحجر على ما لايكون متلبسا بعنوان الحجرية فعلا ، ولا اطلاق الانسان على ما لايكون متلبسا بالانسانية فعلا ، فلا يقال للتراب : انه انسان باعتبار انه ، أحد العناصر التي يتولد منها الانسان ، وذلك لان انسانية الانسان ليست بالتراب ، بل انما تكون بالصورة النوعية التي بها يمتاز الانسان عن غيره ، بل التراب لم يكن انسانا في حال من الحالات ، حتى في حال تولد الانسان منه ، فضلا عن حال عدم التولد. وبعبارة أخرى : في حال كون الانسان انسانا لم يكن انسانيته بالتراب الذي هو أحد عناصره ، بل انسانيته انما هي بالصورة النوعية ، فإذا لم يكن التراب في حال كونه عنصر الانسان مما يصح اطلاق اسم الانسان عليه ، فكيف يصح اطلاق اسم الانسان عليه في غير ذلك الحال ، مع أنه لا علاقة بينه وبين الانسان ، حتى علاقة الأول والمشارفة ، لان التراب لا يصير انسانا ، ولا يؤل إليه ابدا.
وهذا بخلاف العناوين العرضية ، كضارب ، فان ضاربية الضارب انما يكون بالضرب ، لمكان قيام الضرب به على جهة الصدور ، ومن المعلوم : ان من لم يكن ضاربا في الحال ، هو الذي يكون ضاربا في الغد حقيقة ، وهو الذي يتعنون بهذا العنوان ، واليه مآله ، فعلاقة الأول والمشارفة في مثل هذا ثابتة ومتحققة ، بخلاف التراب والانسان حيث لم يكن مآل التراب إلى الانسان في حال من الحالات ، بخلاف ضارب ، فان الذي يكون ضاربا هو زيد ، فصح اطلاق الضارب على زيد بعلاقة انه يؤل إلى هذا العنوان في المستقبل.
وحاصل الكلام : انه فرق ، بين أسماء الذوات : من الأجناس والأنواع