وليس البيع مثلا مسببا توليديا لهذه الألفاظ ، بل البيع هو بنفسه فعل اختياري للفاعل متعلق لإرادته أولا وبالذات ، ويكون ايجاده بيده ، فمعنى حلية البيع هو حلية ايجاده ، فكل ما يكون ايجادا للبيع بنظر العرف فهو مندرج تحت اطلاق قوله تعالى : أحل الله البيع ، والمفروض ان العقد بالفارسية مثلا يكون مصداقا لايجاد البيع بنظر العرف ، فيشمله اطلاق حلية البيع ، وكذا الكلام في سائر الأدلة وساير الأبواب ، فيرتفع موضوع الاشكال ، إذ مبنى الاشكال هو تخيل ان المنشئات بالعقود من قبيل المسببات التوليدية ، فيستشكل فيه من جهة ان امضاء المسبب لا يلازم امضاء السبب ، والحال ان الامر ليس كذلك ، فتأمل في المقام جيدا.
المبحث الثالث في المشتق
وتحقيق الحال فيه يستدعى رسم أمور :
( الامر الأول )
اختلفوا في أن اطلاق المشتق على ما انقضى عنه التلبس بالمبدء ، هل هو على نحو الحقيقة أو المجاز؟ بعد اتفاقهم على المجازية بالنسبة إلى من يتلبس في المستقبل ، وعلى الحقيقة بالنسبة إلى المتلبس في الحال.
والسر في اتفاقهم على المجازية في المستقبل ، والاختلاف فيما انقضى ، هو ان المشتق لما كان عنوانا متولدا من قيام العرض بموضوعه ، من دون ان يكون الزمان مأخوذا في حقيقته ، بل لم يؤخذ الزمان في الافعال ـ كما سيأتي ـ فضلا عن المشتق ، وقع الاختلاف بالنسبة إلى ما انقضى عنه المبدء حيث إنه قد تولد عنوان المشتق لمكان قيام العرض بمحله في الزمان الماضي ، وهذا بخلاف من يتلبس بعد ، فإنه لم يتولد عنوان المشتق لعدم قيام العرض بمحله ، فكان للنزاع في ذلك مجال ، دون هذا ، إذ يمكن ان يقال فيما تولد عنوان المشتق : ان حدوث التولد في الجملة ولو فيما مضى يكفي في صدق العنوان على وجه الحقيقة ولو انقضى عنه المبدء ، كما أنه يمكن ان يقال : انه يعتبر في صدق العنوان على وجه الحقيقة بقاء التولد في الحال ، ولا يكفي حدوثه مع انقضائه. هذا فيما إذا تولد عنوان المشتق في الجملة.
واما فيما لم يتولد فلا مجال للنزاع في أنه على نحو الحقيقة ، لعدم قيام العرض