المسألة الرابعة :
من مسائل الترتب ، ما إذا كان التزاحم لأجل لملازمة بين المتعلقين. والأقوى عدم جريان الامر الترتبي في ذلك ، لأنه يلزم منه طلب الحاصل. فإنه لو كان استقبال القبلة الملازم لاستدبار الجدي هو المأمور به الأصلي ، وأريد اثبات وجوب استقبال الجدي بالامر الترتبي عند عصيان استقبال القبلة ، لزم من ذلك طلب استقبال الجدي بعد فرض حصوله. فلا يصح ان يقال : ان لم تستقبل القبلة فاستقبل الجدي لان عدم استقبال القبلة ملازم لاستقبال الجدي خارجا ، فيلزم طلب استقبال الجدي بعد حصوله. وان ناقشت في المثال فعليك بمثال الجهر والاخفات ، وقد تقدم الكلام عن ذلك في الامر الثاني في رد مقالة الشيخ كاشف الغطاء (١).
المسألة الخامسة :
من مسائل الترتب ، ما إذا كان التزاحم لأجل اتحاد المتعلقين خارجا ، ولا يمكن جريان الامر الترتبي فيه أيضا ، لأنه يلزم اما طلب الممتنع ، واما طلب الحاصل. فإنه لو قال : لا تغصب وان غصبت فصل ، فالمراد من ( ان غصبت ) ان كان العزم والقصد على الغصب ، فهذا لايكون من الامر الترتبي ، لان شرط الامر الترتبي هو التلبس بالعصيان ، لا العزم على العصيان ، والا لزم الامر بالضدين على وجه المحال كما لا يخفى. وان كان المراد منه التلبس بالعصيان خارجا وفعلية الغصب منه ، فان كان المراد التلبس بالغصب الصلواتي يلزم طلب الحاصل بالعينية لا بالملازمة ، وان كان المراد التلبس بغير الصلاة يلزم طلب الممتنع ، وان كان الأعم يلزم كلا المحذورين ، وقد تقدم الكلام في ذلك أيضا في طي المباحث السابقة. (٢)
فتحصل : ان الامر الترتبي لا يجرى الا في مسئلتين من مسائل التزاحم ، إحديهما مسألة الضدين ، وثانيهما مسألة المقدمة وذيها. واما فيما عدى ذلك من
__________________
١ ـ راجع الامر الثاني من تنبيهات الترتب ، ص ٣٦٩
٢ ـ تقدم تفصيل هذا البحث في المسألة الثانية ص ٣٨٠