بالضد الخاص ، وللقدر المشترك بين الأضداد الوجودية ان كان للشيء اضداد متعددة ، وهو المعبر عنه بالضد العام في كلام جملة.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : البحث يقع في مقامين :
المقام الأول
فربما قيل : انه بنحو العينية ، وان الامر بالصلاة عين النهى عن تركها ، لان النهى عن الترك عبارة عن طلب ترك الترك ، وهو عين طلب الفعل خارجا ، حيث إنه لا فرق بين ان يقول : صل ، وبين ان يقول : لا تترك الصلاة ، فان العبارتين تؤديان معنى واحدا ، وهو طلب وجود الصلاة في الخارج ، هذا.
ولكن لا يخفى ضعفه ، فإنه ان كان المراد من عدم الفرق بين العبارتين : انهما يكونان بمنزلة الانسان والبشر لفظين مترادفين ، وكان ما بإزاء أحدهما عين ما بحذاء الآخر مفهوما وخارجا ، ففساده غنى عن البيان ، لوضوح ان مدلول لا تترك الصلاة أو اطلب منك ترك ترك الصلاة غير مدلول صل ، لان معاني مفردات تلك الجملة غير معنى جملة صل ، فلا يكون هناك اتحاد مفهومي. وان كان المراد : ان النتيجة واحدة والمقصود هو طلب وجود الصلاة ، فهو مما لا ينفع القائل بالعينية ، فان حديث العينية ان يكون قوله : صل ـ عين قوله : لا تترك الصلاة ، وذلك لايكون الا بدعوى الاتحاد المفهومي ، وقد عرفت ، انه مما لا سبيل إلى دعواه.
وربما قيل : انه بنحو التضمن ، بتوهم ان معنى الوجوب مركب من الاذن في الفعل مع المنع من الترك ، فيدل على المنع من الترك تضمنا.
وفيه ، انه ليس معنى الوجوب مركبا بل هو بسيط بالهوية لا تركيب فيه أصلا ، وانما الوجوب عبارة عن مرتبة من الطلب ، وبذاته يمتاز عن الاستحباب ، بل قد تقدم في أول الأوامر (١) انه ليس الفرق بين الوجوب والاستحباب باختلاف
__________________
١ ـ بحث الأوامر ـ الامر الخامس ص ١٣٤