التصرف واجبا مط ولو لم يكن من قصد المتصرف انقاذ الغريق ـ بل تصرف للعدوان ، أو للتنزه والتفرج ـ مما يأباه الذوق ولا يساعد عليه الوجدان ، وكذا يبعد ان يكون خروج من وجب عليه الحج من داره إلى السوق لقضاء حاجة واجبا ، بحيث يكون كلما خرج من داره قد اشتغل بفعل الواجب ، ويكون عوده إلى داره هدما لذلك الواجب ، فان هذا بعيد غايته.
ولمكان هذا الاستبعاد قيد صاحب المعالم (ره) (١) وجوب المقدمة بقيد إرادة ذيها ، فلا تتصف المقدمة بالوجوب الا عند إرادة ذيها. وقيد الشيخ ( قده ) (٢) على ما في التقرير وجوبها بصورة قصد التوصل إلى ذي المقدمة. وقيد (٣) صاحب الفصول بصورة التوصل بها إلى ذيها ، فيكون الواجب هو المقدمة الموصلة. كل ذلك يكون دفعا للاستبعاد المذكور هذا.
ولكن لا يخفى عليك ، انه لا يمكن المساعدة على شيء من هذه القيود.
اما ما اختاره صاحب المعالم (ره) حيث جعل إرادة ذي المقدمة من قيود وجوب المقدمة ، ففيه : ان اشتراط الوجوب بالإرادة ، اما ان يكون مقصورا على
__________________
١ ـ هذا ما يوهمه ظاهر عبارة صاحب المعالم في آخر بحث الضد. المعالم بحث الضد ص ٧٧ قال : « وأيضا فحجة القول بوجوب المقدمة على تقدير تسليمها انما ينهض دليلا على الوجوب في حال كون المكلف مريدا للفعل المتوقف عليها كما لا يخفى على من أعطاها حق النظر ».
وقد صرح الشيخ قدسسره في التقريرات دفعا لهذا التوهم « ونحن بعد ما أعطينا الحجج الناهضة على وجوب المقدمة حق النظر واستقصينا التأمل فيها ما وجدنا رائحة من ذلك فيها ... » ( مطارح الأنظار ، ص ٧٠ )
٢ ـ مطارح الأنظار ص ٧٠ قوله : « وهل يعتبر في وقوعه على صفة الوجوب ان يكون الاتيان بالواجب الغيري لأجل التوصل به إلى الغير أولا ، وجهان أقواهما الأول ... »
٣ ـ الفصول ، ص ، ٨٧ التنبيه الأول. « ان مقدمة الواجب لا تتصف بالوجوب والمطلوبية من حيث كونها مقدمة الا إذا ترتب عليها وجود ذي المقدمة ، لا بمعنى ان وجوبها مشروط بوجود فيلزم الا يكون خطاب بالمقدمة أصلا على تقدير عدمه فان ذلك متضح الفساد ، كيف؟ واطلاق وجوبها وعدمه عندنا تابع لاطلاق وجوبه وعدمه ، بل بمعنى ان وقوعها على الوجه المطلوب منوط بحصول الواجب حتى أنها إذا وقعت مجردة عنه تجردت عن وصف الوجوب والمطلوبية ، لعدم وجوبها على الوجه المعتبر ، فالتوصل بها إلى الواجب من قبيل شرط الوجود لها لا من قبيل شرط الوجوب ، وهذا عندي هو التحقيق الذي لا مزيد عليه ، وان لم اقف على من يتفطن له ».