إعلام الورى بأعلام الهدى - ج ٢

الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي

إعلام الورى بأعلام الهدى - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-011-0
الصفحات: ٤٧٧
الجزء ١ الجزء ٢

ورواه حمّاد بن زيد ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عبد الله. وزاد فيه : قال : كنّا جلوسا عند عبد الله يقرئنا القرآن فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، هل سألتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كم يملك أمر هذه الامّة من خليفة بعده؟

فقال له عبد الله : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق ، نعم سألنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : « اثنا عشر عدّة نقباء بني إسرائيل » (١).

وروى عبد الله بن أبي أميّة مولى [ بني ] مجاشع ، عن يزيد الرقّاشي ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لن يزال هذا الدين قائما إلى اثني عشر من قريش ، فإذا مضوا ساخت (٢) الأرض بأهلها » (٣) وساق الحديث.

ورواه أبو بكر بن أبي خيثمة ، عن عليّ بن جعد ، عن زهير بن معاوية ، عن زياد بن خيثمة ، عن الأسود بن سعيد الهمدانيّ قال : سمعت جابر بن سمرة يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش » ، فقالوا له : ثمّ يكون ما ذا؟ قال : « ثمّ يكون الهرج » (٤).

__________________

(١) الغيبة للنعماني : ١١٨ / ٥ ، ورواه ابن شهرآشوب في المناقب ١ : ٢٩٠ ، والجوهري في مقتضب الأثر : ٣ وأحمد في مسنده ١ : ٣٩٨ و ٤٠٦ ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده ٨ : ٤٤٤ / ٥٠٣١ و ٩ : ٢٢٢ / ٥٣٢٢ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٥ : ١٩٠.

(٢) في نسختي « ق » و « ط » : ماجت.

(٣) الغيبة للنعماني : ١١٩ / ٦ ، ورواه الجوهري في مقتضب الأثر : ٤.

(٤) الغيبة للنعماني : ١٠٢ / ٣١ ، ورواه الطوسي في الغيبة : ١٢٧ / ٩٠ ، وابن شهرآشوب في المناقب ١ : ٢٩٠ ، وأحمد في مسنده ٥ : ٩٢ ، والطبراني في المعجم الكبير ٢ : ٢٥٣ / ٢٠٥٩.

١٦١

ورواه سمّاك بن حرب ، وزياد بن علاقة ، وحصين بن عبد الرحمن ، عن جابر بن سمرة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثله (١).

ورواه سليمان بن أحمر قال : حدّثنا ابن عون ، عن الشعبي ، عن جابر ابن سمرة ؛ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « لا يزال أهل هذا الدين ينصرون على من ناواهم إلى اثني عشر خليفة » فجعل الناس يقومون ويقعدون ، وتكلّم بكلمة لم أفهمها ، فقلت لأبي ـ أو لأخي ـ : أيّ شيء قال؟ قال : قال : « كلّهم من قريش » (٢)

ورواه فطر بن خليفة ، عن أبي خالد الوالبيّ ، عن جابر بن سمرة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثله (٣)

ورواه سهل بن حمّاد ، عن يونس بن أبي يعفور قال : حدّثني عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : كنت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعمّي جالس بين يديه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا يزال أمر أمّتي صالحا حتّى يمضي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش » (٤).

اسم أبي جحيفة وهب بن عبد الله.

__________________

(١) الغيبة للنعماني : ١٠٣ / ٣٢ ، و ١٢٣ / ١٤ ، ورواه الطوسي في الغيبة : ١٢٨ / ٩١ ، وابن شهرآشوب في المناقب ١ : ٢٩٠ ، وأحمد في مسند ٥ : ٩٢ ، والطبراني في المعجم الكبير ٢ : ٢٥٤ / ٢٠٦٣.

(٢) الغيبة للنعماني : ١٠٣ / ٣٣ ، ورواه الطوسي في الغيبة : ١٢٩ / ٩٣ ، وابن بطريق في العمدة : ٤١٨ / ٨٦٥ ، والطبراني باختلاف يسير في المعجم الكبير ٢ : ١٩٥ ـ ١٩٦ / ١٧٩١ و ١٧٩٥.

(٣) الغيبة للنعماني : ١٠٦ / ٣٦ و ١٠٧ / ٣٨ ، ورواه الطوسي في الغيبة : ١٣٢ / ٩٦.

(٤) الغيبة للنعماني : ١٢٥ / ٢١ ، ورواه ابن شهرآشوب في المناقب ١ : ٢٩١ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٥ : ١٩٠.

١٦٢

وروى الليث بن سعد ، عن خالد بن زيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن ربيعة بن سيف قال : كنّا عند شقيق (١) الأصبحي فقال : سمعت عبد الله ابن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « يكون خلفي اثنا عشر خليفة » (٢).

ورواه حمّاد بن سلمة عن أبي الطفيل قال : قال لي عبد الله بن عمر : يا أبا الطفيل أعدد اثني عشر خليفة بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ يكون النقف والنقاف (٣) (٤).

وممّا ذكره الشيخ أبو عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي رحمه‌الله في كتابه في الردّ على الزيديّة قال : أخبرني أبي قال : أخبرني الشيخ أبو جعفر بن بابويه قال : حدّثنا محمد بن عليّ ماجيلويه ، عن عمّه ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن خلف بن حمّاد الأسدي ، عن

__________________

(١) كذا في نسخنا وهو تصحيف صوابه : شفى بن ماتع الأصبحي ، من التابعين.

أرسل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة.

وثّقه النسائي وابن حبّان والعجلي وابن يونس وغيرهم.

قيل : توفي عام ( ١٠٥ ه‍ ).

انظر : تهذيب التهذيب ٤ : ٣١٥ ، الثقات لابن حبّان ٤ : ٣٧١ ، طبقات ابن سعد ٧.

٥١٣ ، اسد الغابة ٢ : ٣٧٤ / ٢٤٤٣ ، تهذيب الكمال ١٢ : ٥٤٣ / ٢٧٦٤.

(٢) الغيبة للنعماني : ١٠٤ / ٣٤ ، ورواه الطوسي في الغيبة : ١٣٠ / ٩٤ ، وابن شهرآشوب في المناقب ١ : ٢٩١.

(٣) قال ابن الأثير في النهاية ( ٥ : ١٠٩ ) : وفي حديث عبد الله بن عمر : « اعدد اثني عشر.

ثم يكون النقف والنقاف » أي القتل والقتال ، والنقف : هشم الرأس. أي تهيج الفتن والحروب بعدهم.

(٤) الغيبة للنعماني : ١٠٥ / ٣٥ و ١٢٧ / ٢٤ ، ورواه الطوسي في الغيبة : ١٣١ / ٩٥ ، وابن شهرآشوب في المناقب ١ : ٢٩١.

١٦٣

الأعمش ، عن عباية بن ربعيّ ، عن ابن عبّاس قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين حضرته وفاته فقلت : يا رسول الله إذا كان ما نعوذ بالله منه فإلى من؟

فأشار إلى عليّ عليه‌السلام فقال : « إلى هذا ، فإنّه مع الحقّ والحقّ معه ، ثمّ يكون من بعده أحد عشر إماما مفترضة طاعتهم كطاعته » (١).

قال : وأخبرني المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قال : أخبرني محمد بن عليّ قال : حدّثني حمزة بن محمد العلوي ، حدّثنا أحمد ابن يحيى الشحّام ، حدّثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي ، حدّثنا أبو بكر محمد بن أبي غياث الأعين ، حدّثنا سويد بن سعيد الأنباريّ ، حدّثنا محمد بن عبد الرحمن بن شردين الصنعاني ، عن ابن مثنّى ، عن أبيه ، عن عائشة قال : سألتها كم خليفة يكون لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فقالت : أخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّه يكون بعده اثنا عشر خليفة.

قال : فقلت لها : من هم؟ فقالت : أسماؤهم عندي مكتوبة بإملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فقلت لها : فاعرضيه ، فأبت (٢).

قال : وأخبرني أبو عبد الله محمد بن وهبان قال : حدّثنا أبو بشر أحمد ابن إبراهيم بن أحمد العمّي قال : أخبرنا محمد بن زكريّا بن دينار الغلابي حدّثنا سليمان بن إسحاق بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس قال :

__________________

(١) كشف الغمة ٢ : ٥٠٤ ، وروى قطعة منه الخزاز في كفاية الأثر : ١٨ و ٢٠ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٣٦ : ٣٠٠ / ١٣٦.

(٢) كشف الغمة ٢ : ٥٠٥ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٦ : ٣٠٠ / ١٣٧.

١٦٤

حدّثني أبي قال : كنت يوما عند الرشيد فذكر المهديّ وما ذكر من عدله ، فأطنب في ذلك ، فقال الرشيد : إنّي أحسبكم تحسبونه أبي ، ( إنّ أبي ) (١) المهدي. حدثني عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عبّاس ، عن أبيه العبّاس بن عبد المطّلب : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له : « يا عمّ ، يملك من ولدي اثنا عشر خليفة ، ثمّ تكون أمور كريهة وشدة عظيمة ، ثمّ يخرج المهديّ من ولدي ، يصلح الله أمره في ليلة ، فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، ويمكث في الأرض ما شاء الله ، ثمّ يخرج الدجال » (٢).

هذا بعض ما جاء من الأخبار من طرق المخالفين ورواياتهم في النصّ على عدد الأئمّة الاثني عشر عليهم‌السلام ، وإذا كانت الفرقة المخالفة قد نقلت ذلك ـ كما نقلته الشيعة الإمامية ـ ولم تنكر ما تضمّنه الخبر فهو أدلّ دليل على أنّ الله تعالى هو الذي سخّرهم لروايته ، إقامة لحجّته ، وإعلاء لكلمته ، وما هذا الأمر إلاّ كالخارق للعادة ، والخارج عن الامور المعتادة ، ولا يقدر عليه إلاّ الله تعالى الذي يذلّل الصعب ، ويقلّب القلب ، ويسهّل العسير ، وهو على كلّ شيء قدير.

__________________

(١) ما بين القوسين لم يرد في نسختي « ط » و « م » وكذا في نسخة البحار والمصادر المذكورة ، ولكنّا اثبتناه من نسخة « ق » لضرورة السياق.

(٢) مناقب ابن شهرآشوب ١ : ٢٩٢ ، فرائد السمطين ٢ : ٣٢٩ / ٥٧٩ ، ودون صدره في كشف الغمة ٢ : ٥٠٥ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٣٦ : ٣٠٠ / ١٣٨.

١٦٥

( الفصل الثاني )

في ذكر بعض الأخبار التي جاءت من طرق الشيعة

الإمامية في النصّ على إمامة الاثني عشر

من آل محمّد عليهم‌السلام

وهذه الأخبار على ضربين : أحدهما يتضمّن النصّ على عدد الاثني عشر على الجملة ، والثاني : يتضمّن النصّ على أعيان الأئمّة الاثني عشر على التفصيل.

فأمّا الضرب الأول منهما فنحو ما رواه محمد بن يعقوب الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن ابن محبوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : دخلت على فاطمة عليها‌السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها ، فعددت اثني عشر آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم عليّ (١).

وعنه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إنّ الله تعالى أرسل محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الجنّ والإنس ، وجعل من بعده اثني عشر وصيّا ، منهم من سبق ومنهم من بقي ، وكلّ وصيّ جرت به

__________________

(١) الكافي ١ : ٤٤٧ / ٩ ، وكذا في : كمال الدين : ٢٦٩ / ١٣ و ٣١١ / ٣ و ٣١٣ / ٤ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٤٦ / ٦ و ٤٧ / ٧ ، الفقيه ٤ : ١٣٢ / ٤٥٩ ، الخصال : ٤٧٧ / ٤٢ ، ارشاد المفيد ٢ : ٣٤٦ ، الغيبة للطوسي : ١٣٩ / ١٠٣ ، وفي بعضها « وثلاثة منهم علي » بدل « وأربعة منهم علي ».

١٦٦

سنّة ، والأوصياء الذين من بعد محمد على سنّة أوصياء عيسى ، وكانوا اثني عشر ، وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام على سنّة المسيح عليه‌السلام » (١).

وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله ومحمد بن الحسين ، عن إبراهيم بن أبي يحيى المديني ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : كنت حاضرا لمّا هلك أبو بكر واستخلف عمر ، إذ أقبل رجل من عظماء يهود يثرب يزعم يهود المدينة أنّه أعلم [ أهل ] زمانه ، حتّى رفع إلى عمر فقال له : يا عمر ، إنّي جئتك أريد الإسلام ، فإن أخبرتني عمّا أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنّة وجميع ما أريد أن أسأل عنه.

قال : فقال له عمر : إنّي لست هناك ولكنّي أرشدك إلى من هو أعلم أمّتنا بالكتاب والسنّة وجميع ما قد تسأل عنه ، وهو ذاك. وأومأ إلى عليّ عليه‌السلام.

وساق الحديث إلى أن قال : قال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : « سل عمّا بدا لك (٢) ».

فقال : أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة.

فقال له عليّ عليه‌السلام : « لم لم تقل : عن سبع »؟

فقال له اليهوديّ : إنّك إن أخبرتني بالثلاث سألتك عن البقيّة وإلاّ كففت.

__________________

(١) الكافي ١ : ٤٤٧ / ١ ، وكذا في : كمال الدين : ٣٢٦ / ٤ ، الخصال : ٤٧٨ / ٤٣ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٥٥ / ٢ ، الامامة والتبصرة : ١٣٤ / ١٤٦ ، ارشاد المفيد ٢ : ٣٤٥ ، الغيبة للطوسي : ١٤١ / ١٠٥ ، اثبات الوصية : ٢٢٨.

(٢) في الكافى زيادة : اخبرك ان شاء الله

١٦٧

[ فقال له : « سل عما بدا لك يا يهوديّ » ] (١).

قال : أخبرني عن أوّل حجر وضع على وجه الأرض ، وأوّل شجرة غرست على وجه الأرض ، وأوّل عين نبعت على وجه الأرض.

فأخبره أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ثمّ قال له اليهوديّ : أخبرني عن هذه الامّة كم لها من إمام هدى؟ وأخبرني عن نبيّكم محمد أين منزله في الجنّة؟ وأخبرني من معه في الجنّة؟

فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : « إنّ لهذه الامّة اثني عشر إماما من ذرّيّة نبيّها وهم منّي ، وأمّا منزل نبيّنا في الجنّة ففي أفضلها وأشرفها جنّة عدن ، وأمّا من معه في منزله فهؤلاء الاثنا عشر من ذرّيّته وأمّهم وجدّتهم وأمّ أمّهم وذراريهم لا يشركهم فيها أحد ». الخبر بتمامه (٢).

وعنه ، عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن القاسم ، عن حيّان السراج ، عن داود بن سليمان الكناني ، عن أبي الطفيل قال : شهدت جنازة أبي بكر يوم مات ، وشهدت عمر حين بويع وعليّ جالس ناحية ، فأقبل يهوديّ جميل عليه ثياب حسان ـ وهو من ولد هارون ـ حتّى قام على رأس عمر بن الخطّاب فقال : يا أمير المؤمنين ، أنت أعلم هذه الامّة بكتابهم وأمر نبيّهم؟ فطأطأ عمر رأسه ، فأعاد عليه القول ، فقال له عمر : ولم ذلك؟ فقال له : إنّي جئت مرتادا لنفسي ، شاكّا في ديني ، أريد الحجّة ، وأطلب البرهان.

فقال له عمر : دونك هذا الشابّ ، وأشار إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام

__________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من الكافي ، وكذا ما سبقه.

(٢) الكافي ١ : ٤٤٦ / ٨ ، وكذا في : الغيبة للطوسي : ١٥٢ / ١١٣ ، ونحوه في : كمال الدين : ٣٠٠ / ٨ ، وعيون أخبار الرضا : ٥٢ / ١٩ ، والخصال : ٤٧٦ / ٤٠ ، والاحتجاج ١ : ٢٢٦.

١٦٨

فقال الغلام : ومن هذا؟

قال عمر : هذا علي بن أبي طالب ، ابن عمّ رسول الله ، وأبو الحسن والحسين ابني رسول الله ، وزوج فاطمة بنت رسول الله ، وأعلم الناس بالكتاب والسنّة.

قال : فأقبل الغلام إلى عليّ عليه‌السلام فقال له : أنت كذلك؟ فقال له عليّ : « نعم ».

قال الغلام : أريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة.

فتبسّم أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال : « يا هاروني ، ما منعك أن تقول : سبعا »؟

قال : أريد أسألك عن ثلاث ، فإن علمتهنّ سألتك عمّا بعدهنّ ، وإن لم تعلمهنّ علمت أنّه ليس فيكم عالم.

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « فإنّي أسألك بالإله الذي تعبده ، لئن أنا أجبتك عن كل ما تسأل لتدعنّ دينك ولتدخلنّ في ديني؟ » قال : ما جئت إلاّ لذاك.

قال : « فسل ».

قال : فأخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الأرض أيّ قطرة هي؟

وأوّل عين فاضت على وجه الأرض أيّ عين هي؟ وأوّل شجر اهتزّ على وجه الأرض أيّ شجر هو؟

( فقال عليه‌السلام : « يا هاروني ، أمّا أنتم فتقولون : أوّل قطرة قطرت على وجه الأرض حيث قتل أحد ابني آدم ، وليس كذلك ، ولكنّه حيث طمثت حواء وذلك قبل أن تلد ابنيها.

وأمّا أنتم فتقولون : إنّ أول عين فاضت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس ، وليس هو كذلك ، ولكنّها عين الحياة التي وقف عليها موسى

١٦٩

وفتاه ومعهما النون المالح فسقط فيها فحيي وهذا الماء لا يصيب ميّتا إلاّ حيي.

وأمّا أنتم فتقولون : إنّ أوّل شجر اهتزّ على وجه الأرض الشجرة التي كانت منها سفينة نوح عليه‌السلام ، وليس هو كذلك ، ولكنّها النخلة التي اهبطت من الجنّة وهي العجوة ومنها تفرع كلّ ما ترى من أنواع النخل ».

فقال : صدقت والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي لأجد هذا في كتب أبي هارون عليه‌السلام كتابته بيده وإملاء عمّي موسى عليه‌السلام » ) (١).

ثمّ قال : أخبرني عن الثلاث الأخر عن أوصياء محمد كم بعده من أئمّة عدل؟ و( أين ) (٢) منزله في الجنّة؟ ومن يكون ساكنا معه في منزله؟

فقال : « يا هاروني ، إنّ لمحمّد اثني عشر وصيّا أئمّة عدل ، لا يضرّهم خذلان من خذلهم ، ولا يستوحشون لخلاف من خالفهم ، وإنّهم أرسب في الدين من الجبال الرواسيّ في الأرض ، ومسكن محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جنّة عدن التي ذكرها الله عزّ وجل وغرسها بيده ، ومعه في مسكنه أولئك الاثني عشر العدول ».

فقال : صدقت والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي لأجد ذلك في كتب أبي هارون كتابته بيده وإملاء عمّي موسى عليه‌السلام.

قال : فأخبرني عن الواحدة : كم يعيش وصيّ محمد بعده؟ وهل يموت أو يقتل؟

فقال : « يا هاروني ، يعيش بعده ثلاثين سنة لا يزيد يوما ولا ينقص

__________________

(١) ما بين القوسين لم يرد في الكافي ضمن الرواية المذكور سندها ، بل ورد عوضا عنه : فأجابه أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٢) في نسختي « ط » و « ق » : عن ، وأثبتنا ما في نسخة « م » وهو الموافق لما في الكافي.

١٧٠

يوما ، ثمّ يضرب ضربة هاهنا » ووضع يده على قرنه ، وأومأ إلى لحيته « فتخضب هذه من هذا ».

قال : فصاح الهاروني وقطع كستيجه (١) وقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله وأنّك وصيّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينبغي أن تفوق ولا تفاق وأن تعظّم ولا تستضعف قال : ثمّ مضى به عليّ عليه‌السلام إلى منزله فعلّمه معالم الدين (٢).

وقد روي هذا الخبر من طرق أخر تركناها خوف الإطالة.

وعن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي سعيد العصفوريّ ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي حمزة قال : سمعت عليّ بن الحسين عليهما‌السلام يقول : « إنّ الله تعالى خلق محمدا واثني عشر من أهل بيته من نور عظمته ، وأقامهم أشباحا في ضياء نوره ، يعبدونه ويسبّحونه ويقدّسونه ، وهم الأئمّة من بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٣).

وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن الخشّاب ، عن الحسن بن سماعة ، عن عليّ بن الحسين بن رباط ، عن ابن اذينة ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « من آل محمد اثنا عشر إماما كلّهم محدّث من ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وولد عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فرسول الله وعليّ هما الوالدان » (٤).

__________________

(١) الكستيج ( بالضم ) : خيط غليظ يشدّه الذمّي فوق ثيابه دون الزنار. « القاموس المحيط ١ : ٢٠٥ ».

(٢) الكافي ١ : ٤٤٤ / ٥ وكذا في : كمال الدين : ٢٢٩ / ٦ ، الغيبة للنعماني : ٩٧ / ٢٩.

(٣) الكافي ١ : ٤٤٦ / ٦.

(٤) الكافي ١ : ٤٤٨ / ١٤ ، وكذا في : الغيبة للطوسي : ١٥١ / ١١٢ ، وباختلاف يسير في

١٧١

وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد ابن أبي عبد الله ؛ ومحمد بن حمزة ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن الحسن ابن العبّاس بن الحريش ، عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال : إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لابن عبّاس : « إنّ ليلة القدر في كلّ سنة ، وإنّه ينزل في تلك الليلة أمر السنة ، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

فقال ابن عبّاس : من هم؟

قال : « أنا وأحد عشر من صلبي أئمّة محدّثون » (١).

وبهذا الإسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه : « آمنوا بليلة القدر أنّها تكون من بعدي لعلّي بن أبي طالب وولده وهم أحد عشر من بعده » (٢).

الشيخ أبو جعفر بن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن زياد الهمدانيّ ، عن محمد بن معقل القرميسينيّ ، عن محمد بن عبد الله البصريّ ، عن إبراهيم ابن مهزم ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن عليّ عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اثنا عشر من أهل بيتي أعطاهم الله فهمي وعلمي وحكمتي ، وخلقهم من طينتي ، فويل للمتكبّرين عليهم بعدي ، القاطعين فيهم صلتي ، مالهم لا أنالهم الله شفاعتي » (٣).

__________________

ارشاد المفيد ٢ : ٣٤٧.

(١) الكافي ١ : ٤٤٧ / ١١ ، وكذا في : الخصال : ٤٧٩ / ٤٧ ، ارشاد المفيد ٢ : ٣٤٦ ، الغيبة للنعماني : ٦٠ / ٣ ، الغيبة للطوسي : ١٤١ / ١٠٦.

(٢) الكافي ١ : ٤٤٨ / ١٢ ، وكذا في : الخصال : ٤٨٠ / ٤٨ ، ونحوه في ارشاد المفيد ٢ : ٣٤٦.

(٣) كمال الدين : ٢٨١ / ٣٣.

١٧٢

وعنه ، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطّار ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن محمد بن زياد الأزديّ ، عن أبان بن عثمان ، عن ثابت بن دينار ، عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الأئمّة بعدي اثنا عشر ، أوّلهم أنت يا عليّ ، وآخرهم القائم الذي يفتح الله تعالى على يده مشارق الأرض ومغاربها » (١).

وعنه ، حدّثنا عليّ بن أحمد ، حدّثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفيّ ، عن موسى بن عمران ، عن عمّه الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن يحيى بن أبي القاسم ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الأئمّة بعدي اثنا عشر ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب وآخرهم القائم ، هم خلفائي وأوصيائي وأوليائي وحجج الله على أمّتي بعدي ، المقرّ بهم مؤمن والمنكر لهم كافر » (٢).

وعنه ، قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال : حدّثنا الحسين ابن محمد بن عامر ، عن المعلّى بن محمد البصريّ ، عن جعفر بن سليمان ، عن عبد الله بن الحكم ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي لاثنا عشر ، أوّلهم أخي وآخرهم ولدي » قيل : يا رسول الله ومن أخوك؟ قال : « عليّ بن أبي طالب » قيل : فمن ولدك؟ قال : « المهديّ الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، والذي بعثني بالحقّ بشيرا

__________________

(١) كمال الدين : ٢٨٢ / ٣٥.

(٢) كمال الدين : ٢٥٩ / ٤.

١٧٣

لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه ولدي المهديّ ، فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلّي خلفه ، وتشرق الأرض بنور ربّها ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب » (١).

والأخبار من هذا الفنّ أكثر ممّا ذكرناه ، فلنقتصر على ما أوردناه ، ففيه كفاية ومقنع فيما نحوناه.

وأما الضرب الثاني ـ وهو ما روي من النصوص على أعيان الأئمّة الاثني عشر عليهم‌السلام ـ فمن ذلك : ما رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه رحمه‌الله قال : حدّثنا أبي ، ومحمد بن موسى بن المتوكّل ، ومحمد بن عليّ ماجيلويه ، وأحمد بن عليّ بن إبراهيم ، والحسين بن إبراهيم بن ناتانه ، وأحمد بن موسى بن زياد الهمدانيّ قالوا : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن بكر بن صالح.

وحدّثنا أبي ، ومحمد بن الحسن قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميريّ جميعا ، عن أبي الحسن صالح بن أبي حمّاد ، والحسن بن طريف ، جميعا ، عن بكر بن صالح ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال أبي عليه‌السلام لجابر بن عبد الله الأنصاريّ : إنّ لي إليك حاجة ، فمتى يخفّ عليك أن أخلو بك فأسألك عنها؟ فقال له جابر : في أيّ الأوقات شئت.

فخلا به أبي فقال له يا جابر : أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يدي أمّي فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما أخبرتك به أمّي أنّ في ذلك اللوح مكتوبا.

قال جابر : أشهد بالله أنّي دخلت على أمّك فاطمة عليها‌السلام في

__________________

(١) كمال الدين : ٢٨٠ / ٢٧.

١٧٤

حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهنّئها بولادة الحسين ، فرأيت في يدها لوحا أخضر ظننت أنّه زمرّد ، ورأيت فيه كتابا أبيض شبه نور الشمس ، فقلت لها : بأبي أنت وأمّي يا بنت رسول الله ما هذا اللوح؟ فقالت : هذا اللوح أهداه الله عزّ وجل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابنيّ وأسماء الأوصياء من ولدي ، فأعطانيه أبي ليسرّني (١) بذلك.

قال جابر : فأعطتنيه أمّك فاطمة فقرأته واستنسخته.

فقال أبي عليه‌السلام : فهل لك يا جابر أن تعرضه عليّ.

قال : نعم.

فمشى معه أبي عليه‌السلام حتّى انتهى إلى منزل جابر وأخرج إلى أبي صحيفة من رقّ.

قال جابر : فأشهد بالله أنّي رأيته هكذا في اللوح مكتوبا :

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا كتاب من الله العزيز العليم لمحمد نوره وسفيره ، وحجابه ودليله ، نزل به الروح الأمين من عند ربّ العالمين.

عظّم يا محمّد أسمائي ، واشكر نعمائي ، ولا تجحد آلائي ، إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا ، قاصم الجبّارين ، ومذلّ الظالمين (٢) ، وديّان يوم الدين ، إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا ، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي عذّبته عذابا لا أعذّبه أحدا من العالمين ، فإيّاي فاعبد ، وعليّ فتوكّل ، إنّي لم أبعث نبيّا فأكملت أيّامه وانقضت مدّته (٣) إلاّ جعلت له وصيّا ، وإنّي فضّلتك على

__________________

(١) في نسختي « ط » و « ق » : ليبشرني ، وأثبتنا ما في نسخة « م » وهو موافق لما في كمال الدين.

(٢) في نسخة « م » : ومبير المتكبرين.

(٣) في نسختي « ط » و « ق » : عهده ، وأثبتنا ما في نسخة « م » وهو الموافق لما في كمال الدين.

١٧٥

الأنبياء وفضّلت وصيّك على الأوصياء ، وأكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك الحسن والحسين.

فجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدّة أبيه.

وجعلت حسينا خازن وحيي ، وأكرمته بالشهادة ، وختمت له بالسعادة ، فهو أفضل من استشهد ، وأرفع الشهداء درجة ، جعلت كلمتي التّامة معه ، والحجّة البالغة عنده ، بعترته أثيب وأعاقب.

أوّلهم سيّد العابدين وزين أوليائي الماضين.

وابنه شبيه جدّه المحمود محمّد الباقر لعلمي والمعدن لحكمي.

سيهلك المرتابون في جعفر ، الرادّ عليه كالرادّ عليّ ، حقّ القول منّي لأكرمنّ مثوى جعفر ولاسرّنّه في أشياعه وأنصاره وأوليائه.

وانتجبت بعده موسى وانتجبت بعده فتنة عمياء حندس (١) ، لأنّ خيط فرضي لا ينقطع ، وحجّتي لا تخفى ، وأنّ أوليائي لا يشقون ، ألا من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي ، ومن غيّر آية من كتابي فقد افترى عليّ ، وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدّة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي.

إنّ المكذّب بالثامن مكذّب بكلّ أوليائي ، وعليّ وليّي وناصري ، ومن أضع عليه أعباء النبوّة وامتحنه بالاضطلاع ، يقتله عفريت مستكبر ، يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح (٢) إلى جنب شرّ خلقي.

حقّ القول منّي لأقرنّ عينه بمحمّد ابنه وخليفته من بعده ، فهو وارث علمي ، ومعدن حكمي ، وموضع سرّي ، وحجّتي على خلقي ، جعلت الجنّة مثواه ، وشفّعته في سبعين من أهل بيته كلّهم قد استوجبوا النار.

__________________

(١) الحندس : الليل الشديد الظلمة. « الصحاح ـ حدس ـ ٣ : ٩١٦ ».

(٢) في كمال الدين زيادة : ذو القرنين.

١٧٦

وأختم بالسعادة لابنه عليّ وليّي وناصري ، والشاهد في خلقي ، وأميني على وحيي.

أخرج منه الداعي إلى سبيلي ، والخازن لعلمي الحسن.

ثمّ أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين ، عليه كمال موسى ، وبهاء عيسى ، وصبر أيّوب ، سيذلّ أوليائي في زمانه ، ويتهادون رءوسهم كما تتهادى رءوس الترك والديلم ، فيقتلون ويحرقون ، ويكونون خائفين مرعوبين وجلين ، تصبغ الأرض بدمائهم ، ويفشو الويل والرنين في نسائهم ، أولئك أوليائي حقّا ، بهم أدفع كلّ فتنة عمياء حندس ، وبهم أكشف الزلازل ، وأرفع الآصار والأغلال ، ( أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (١).

قال عبد الرحمن بن سالم : قال أبو بصير : لو لم تسمع في دهرك إلاّ هذا الحديث لكفاك ، فصنه إلاّ عن أهله (٢).

قال : وحدّثنا أبو محمد الحسن بن حمزة العلويّ قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن درست السرويّ ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن محمد بن عمران الكوفيّ ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، وصفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : « يا إسحاق ، ألا ابشّرك؟ »

قلت : بلى جعلني الله فداك يا ابن رسول الله.

فقال : « وجدنا صحيفة بإملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخطّ

__________________

(١) البقرة ٢ : ١٥٧.

(٢) كمال الدين : ٣٠٨ / ١ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٤١ / ٢ ، وكذا في : الكافي ١ ٤٤٢ / ٣ ، الغيبة للطوسي : ١٤٣ / ٨ ، وباختلاف يسير في الغيبة للنعماني : ٦٢ / ٥.

١٧٧

أمير المؤمنين عليه‌السلام فيها : « بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم » وذكر الحديث مثله سواء إلاّ إنّه قال في آخره : ثمّ قال الصادق عليه‌السلام : « يا إسحاق هذا دين الملائكة والرسل ، فصنه عن غير أهله يصنك الله ويصلح شأنك » ثمّ قال : « من دان بهذا أمن عقاب الله عزّ وجلّ » (١).

قال : وحدّثنا عليّ بن الحسين المؤدّب وأحمد بن هارون الفاميّ قالا : حدّثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميريّ ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ابن مالك الفزاريّ الكوفي ، عن مالك السلوليّ ، عن درست بن عبد الحميد ، عن عبد الله بن القاسم ، عن عبد الله بن جبلة ، عن أبي السفاتج ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ قال : دخلت على فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقدّامها لوح يكاد ضوؤه يغشي الأبصار ، فيه اثنا عشر اسما : ثلاثة في ظاهره وثلاثة في باطنه وثلاثة اسماء في آخره وثلاثة أسماء في طرفه ، فعددتها فإذا هي اثنا عشر ، فقلت : أسماء من هؤلاء؟ قالت : « هذه أسماء الأوصياء ، أوّلهم ابن عمّي وأحد عشر من ولدي آخرهم القائم ».

قال جابر : فرأيت فيها محمّدا ، محمّدا ، محمّدا في ثلاثة مواضع ، وعليّا ، وعليّا ، وعليّا ، وعليّا ، في أربعة مواضع (٢).

قال : وحدّثنا أبو العبّاس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ قال : حدّثنا الحسن بن إسماعيل قال : حدّثنا سعيد بن محمد القطّان قال : حدّثنا عبد الله بن موسى الروياني ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن عليّ

__________________

(١) كمال الدين : ٣١٢ / ضمن حديث ٣

(٢) كمال الدين : ٣١١ / ٢ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٤٦ / ٥.

١٧٨

ابن الحسن بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : حدّثني عبد الله بن محمد بن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام : أنّ محمد بن عليّ عليهما‌السلام باقر العلم جمع ولده ـ وفيهم عمّهم زيد بن عليّ ـ ثمّ أخرج إليهم كتابا بخطّ عليّ عليه‌السلام وإملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكتوب فيه : « هذا كتاب من الله العزيز الحكيم العليم » حديث اللوح إلى الموضع الذي يقول فيه : « وأولئك هم المهتدون » ثمّ قال في آخره : قال عبد العظيم : العجب كلّ العجب لمحمد ابن جعفر وخروجه وقد سمع أباه يقول هذا ويحكيه ، ثم قال : هذا سرّ الله ودينه ودين ملائكته فصنه إلاّ عن أهله وأوليائه (١).

قال : وحدّثنا أبي قال حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت عبد الله بن جعفر الطيّار يقول : كنّا عند معاوية أنا والحسن والحسين وعبد الله بن عبّاس وعمر بن أبي سلمة وأسامة بن زيد. فذكر حديثا جرى بينه وبينه ، وأنّه قال لمعاوية بن أبي سفيان : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « إنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثمّ أخي عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا استشهد فابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم ابني الحسين بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا استشهد فابنه عليّ بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وستدركه يا عليّ ، ثمّ ابنه محمد بن عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وستدركه يا حسين ، ثمّ تكملة اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين ».

__________________

(١) كمال الدين : ٣١٢ / ذيل حديث ٣.

١٧٩

قال عبد الله : ثمّ استشهدت الحسن والحسين وعبد الله بن عبّاس ، وعمر بن أبي سلمة وأسامة بن زيد فشهدوا لي عند معاوية.

قال سليم بن قيس الهلالي : وقد كنت سمعت ذلك من سلمان وأبي ذرّ والمقداد وأسامة بن زيد أنّهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

وحدثنا أبي قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبان بن تغلب ، عن سليم قيس الهلالي ، عن سلمان الفارسي قال : دخلت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإذا الحسين بن علي على فخذه ، وهو يقبّل عينيه ويلثم فاه وهو يقول : « أنت سيّد ابن سيّد ، أنت إمام ابن إمام أبو أئمة ، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم » (٢).

قال : وحدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن أبيه محمد بن عليّ ، عن أبيه عليّ ، عن أبيه الحسين عليهم‌السلام قال : « سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن معنى قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ، من العترة؟ فقال : أنا والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ولد الحسين ، تاسعهم مهديّهم وقائمهم ، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم

__________________

(١) كمال الدين : ٢٧٠ / ١٥ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٤٧ / ٨ ، الخصال : ٤٧٧ / ٤١ ، وكذا في : الكافي ١ : ٤٤٤ / ٤ ، والغيبة للنعماني : ٩٥ / ٢٧ ، والغيبة للطوسي : ١٣٧ / ١٠١.

(٢) كمال الدين : ٢٦٢ / ٩.

١٨٠