الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-011-0
الصفحات: ٤٧٧
يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها ، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها ، يكون معه عصا موسى وخاتم سليمان. ذلك الرابع من ولدي ، يغيّبه الله في ستره ما شاء ثمّ يظهره فيملأ به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، كأنّي بهم أين ما كانوا قد نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب ، يكون رحمة للمؤمنين وعذابا على الكافرين » (١).
عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عليّ بن معبد ، عن الحسين بن خالد : قال : قال الرضا عليهالسلام : « لا دين لمن لا ورع له ، ولا إيمان لمن لا تقيّة له ، وإنّ أكرمكم عند الله أعملكم بالتقيّة ».
فقيل له : يا ابن رسول الله ، إلى متى؟
قال : « إلى يوم الوقت المعلوم ، وهو يوم خروج قائمنا ، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا ».
فقيل له : يا ابن رسول الله ، ومن القائم منكم أهل البيت؟
قال : « الرابع من ولديّ ، ابن سيّدة الإماء ، يطهّر الله به الأرض من كلّ جور ، ويقدّسها من كلّ ظلم ، وهو الذي يشكّ الناس في ولادته ، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه ، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره ، ووضع ميزان العدل بين الناس ، فلا يظلم أحد أحدا. وهو الذي تطوى له الأرض ، ولا يكون له ظلّ ، وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع اهل الأرض بالدعاء إليه يقول : ألا إنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه فإنّ الحقّ معه وفيه ، وهو قول الله عزّ وجل : ( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ ) (٢) » (٣).
__________________
(١) كمال الدين : ٣٧٦ / ٧ دون ذيله
(٢) الشعراء ٢٦ : ٤.
(٣) كمال الدين : ٣٧١ / ٥ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٧٤.
وقد ذكرنا حديث دعبل بن عليّ الخزاعي عنه في هذا المعنى في ما تقدّم من الكتاب (١).
وممّا روي عن أبي جعفر الثاني عليهالسلام في مثله :
ما رواه عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ رحمهالله قال : دخلت على سيّدي محمد بن عليّ وأنا أريد أن أسأله عن القائم عليهالسلام أهو المهديّ أو غيره ، فابتدأني فقال : « يا أبا القاسم ، إنّ القائم منّا هو المهديّ الذي يجب أن ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره ، وهو الثالث من ولدي. والذي بعث محمدا بالنبوّة ، وخصّنا بالإمامة ، إنّه لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، وإنّ الله تعالى ليصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى عليهالسلام إذ ذهب ليقتبس لأهله نارا فرجع وهو رسول نبي ».
ثمّ قال عليهالسلام : « أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج » (٢).
وعنه أيضا قال : قلت لمحمد بن عليّ عليهماالسلام : إنّي لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
فقال : « يا أبا القاسم ، ما منّا إلاّ قائم بأمر الله وهاد إلى دين الله ، ولكنّ القائم منّا هو الذي يطهّر الله عزّ وجل الأرض به من أهل الكفر والجحود ، ويملأها عدلا وقسطا ، هو الذي تخفى على الناس ولادته ، ويغيب عنهم شخصه ، ويحرم عليهم تسميته. وهو سميّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكنيّه ، وهو الذي تطوى له الأرض ، ويذلّ له كلّ صعب. يجتمع إليه
__________________
(١) تقدم في صفحة : ٦٨ ـ ٦٩ فراجع.
(٢) كمال الدين : ٣٧٧ / ١ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٨٠.
من أصحابه عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض ، وهو قول الله عزّ وجل : ( أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (١) فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص أظهر أمره ، وإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عزّ وجل ، فلا يزال يقتل أعداء الله حتّى يرضى الله تبارك وتعالى ».
قال عبد العظيم فقلت له : يا سيّدي ، وكيف يعلم أنّ الله قد رضي؟
قال : « يلقي في قلبه الرحمة ، فإذا دخل المدينة أخرج اللات والعزّى فأحرقهما » (٢).
وروى حمدان بن سليمان قال : حدّثنا الصقر بن أبي دلف قال : سمعت أبا جعفر محمد بن عليّ الرضا عليهماالسلام يقول : « إنّ الإمام بعدي عليّ ، أمره أمري ، وقوله قولي ، وطاعته طاعتي ، والإمام بعده ابنه الحسن ، أمره أمر أبيه ، ( وقوله قول أبيه ) (٣) ، وطاعته طاعة أبيه.
ثمّ سكت ، فقلت له : يا ابن رسول الله ، فمن الإمام بعد الحسن؟
فبكى بكاء شديدا ثمّ قال : « إنّ الإمام من بعد الحسن ابنه القائم بالحقّ المنتظر ».
فقلت له : يا ابن رسول الله ، ولم سمّي القائم؟
قال : « لأنّه يقوم بعد موت ذكره ، وارتداد أكثر القائلين بإمامته ».
فقلت له : ولم سمّي المنتظر؟
قال : « لأنّ له غيبة تكثر أيّامها ، ويطول أمدها ، فينتظر خروجه
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ١٤٨.
(٢) كمال الدين : ٣٧٧ / ٢ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٨١.
(٣) ما بين القوسين لم يرد في نسختي « ط » و « ق » واثبتناه من نسخة « م ».
المخلصون ، وينكره المرتابون ، ويستهزئ بذكره الجاحدون ، ويكذب فيه الوقّاتون ، ويهلك فيه المستعجلون ، وينجو فيه المسلمون » (١).
وممّا روي عن أبي الحسن علي بن محمد العسكريّ عليهماالسلام في ذلك :
ما رواه عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ قال : دخلت على سيّدي عليّ ابن محمد عليهماالسلام ، فلمّا أبصرني قال لي : « مرحبا بك يا أبا القاسم ، أنت وليّنا حقّا ».
فقلت له : يا ابن رسول الله ، إنّي أريد أن أعرض عليك ديني ، فإن كان مرضيّا ثبتّ عليه حتّى ألقى الله عزّ وجل.
فقال : « هات يا أبا القاسم ».
فقلت : إنّي أقول : إنّ الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شيء ، خارج من الحدّين حدّ الإبطال وحدّ التشبيه ، وإنّه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر ، بل هو مجسّم الأجسام ، ومصوّر الصور ، وخالق الأعراض والجواهر ، وربّ كلّ شيء ومالكه وجاعله ومحدثه. وإنّ محمدا عبده ورسوله ، وخاتم النبيّين فلا نبيّ بعده إلى يوم القيامة ، وإنّ شريعته خاتمة الشرائع فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة.
وأقول : إنّ الإمام والخليفة ووليّ الأمر بعده أمير المؤمنين عليّ بن ابي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ عليّ بن الحسين ، ثمّ محمد بن عليّ ، ثمّ جعفر بن محمد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ عليّ بن موسى ، ثمّ محمد ابن عليّ عليهمالسلام ثمّ أنت يا مولاي.
فقال عليهالسلام : « ومن بعدي الحسن فكيف للناس بالخلف من
__________________
(١) كمال الدين : ٣٧٨ / ٣ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٨٣.
بعده ».
قال : فقلت : وكيف ذاك يا مولاي؟
قال : « لأنّه لا يرى شخصه ، ولا يحلّ ذكره باسمه حتّى يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ».
قال : فقلت : أقررت ، وأقول : إنّ وليّهم وليّ الله ، وعدوّهم عدوّ الله ، وطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله.
وأقول : إنّ المعراج حقّ ، والمسألة في القبر حقّ ، وأنّ الجنّة حقّ ، والنّار حقّ ، والصّراط حقّ ، والميزان حقّ ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور.
وأقول : إنّ الفرائض الواجبة بعد الولاية : الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحجّ ، والجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فقال : عليّ بن محمد عليهماالسلام : « يا أبا القاسم ، هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده ، فاثبت عليه ، ثبّتك الله بالقول الثابت في الحياة الدّنيا وفي الآخرة » (١).
وروى عليّ بن إبراهيم ، عن عبد الله بن أحمد الموصليّ ، عن الصقر ابن أبي دلف قال : لمّا حمل المتوكّل سيّدنا أبا الحسن عليهالسلام جئت أسأل عن خبره ، قال : فنظر إليّ حاجب المتوكّل فأمر أن أدخل إليه فأدخلت إليه ، فقال : يا صقر ما شأنك؟ فقلت : خيرا أيّها الاستاذ. قال : اقعد.
قال الصقر : وأخذني ما تقدّم وما تأخّر وقلت : أخطأت في المجيء.
قال : فوحى الناس عنه ثمّ قال : ما شأنك وفيم جئت؟ لعلّك جئت تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له : ومن مولاي؟! مولاي أمير المؤمنين.
__________________
(١) كمال الدين : ٣٧٩ / ١ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٨٦.
فقال : اسكت ، مولاك هو الحقّ ، لا تحتشمني فإنّي على مذهبك.
فقلت : الحمد لله. فقال : تحبّ أن تراه؟ فقلت : نعم.
فقال : اجلس حتّى يخرج صاحب البريد.
قال : فلمّا خرج قال لغلام له : خذ بيد الصقر فأدخله إلى الحجرة التي فيها العلوي المحبوس ، وخلّ بينه وبينه.
قال : فأدخلني الحجرة ، وأومأ إلى بيت فدخلت ، فإذا هو عليهالسلام جالس على صدر حصير ، وبحذاه قبر محفور. قال : فسلّمت فردّ ، ثمّ أمرني بالجلوس فجلست ، ثمّ قال لي : « يا صقر ، ما أتى بك؟ ».
قلت : يا سيّدي جئت أتعرّف خبرك؟
قال : ثمّ نظرت إلى القبر فبكيت ، فنظر إليّ ثمّ قال : « يا صقر لا عليك ، لن يصلوا إلينا بسوء ».
فقلت : الحمد لله ، ثمّ قلت : يا سيّدي حديث يروى عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا أعرف معناه.
فقال : « وما هو؟ ».
قلت : قوله : « لا تعادوا الأيّام فتعاديكم » ما معناه؟
فقال : « نعم ، الأيّام نحن ما قامت السماوات والأرض ، فالسبت اسم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والأحد أمير المؤمنين ، والاثنين الحسن والحسين ، والثلاثاء عليّ بن الحسين ، ومحمد بن عليّ ، وجعفر بن محمد.
والأربعاء موسى بن جعفر ، وعليّ بن موسى ، ومحمّد بن عليّ ، وأنا ، والخميس ابني الحسن ، والجمعة ابن ابني ، إليه تجتمع عصابة الحقّ ، وهو الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، فهذا معنى الأيّام ، فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة » ثمّ قال : « ودّع واخرج فلا آمن
عليك » (١).
وبهذا الإسناد : عن الصقر بن أبي دلف قال : سمعت عليّ بن محمد ابن عليّ الرضا عليهمالسلام يقول : « الإمام بعدي الحسن ابني ، وبعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما » (٢).
وروى عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عليّ بن صدقة ، عن عليّ بن عبد الغفّار قال : لمّا مات أبو جعفر الثاني عليهالسلام كتبت الشيعة إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليهالسلام يسألونه عن الأمر فكتب عليهالسلام : « الأمر لي ما دمت حيّا ، فإذا نزلت بي مقادير الله تبارك وتعالى أتاكم الخلف منّي ، فأنّى لكم بالخلف من بعد الخلف » (٣).
وروى إسحاق بن محمد بن أيّوب قال : سمعت أبا الحسن عليّ بن محمد عليهماالسلام يقول : « صاحب هذا الأمر من يقول الناس : لم يولد بعد » (٤).
والأخبار في هذا الباب كثيرة ظاهرة ، في الشيعة متواترة ، ثابتة في أصولها المتقدّمة لزمان الحسن العسكريّ عليهالسلام ، وفي ذلك أصحّ دليل وبرهان على إمامة القائم ابن الحسن عليهماالسلام.
__________________
(١) كمال الدين : ٣٨٢ / ٩ ، وكذا في : الخصال : ٣٩٤ / ١٠٢ ، كفاية الأثر : ٢٨٩.
(٢) كمال الدين : ٣٨٣ / ١٠ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٩٢.
(٣) كمال الدين : ٣٨٢ / ٨.
(٤) كمال الدين : ٣٨٢ / ٧.
( الفصل الثالث )
في ذكر النصوص عليه صلوات الله عليه
من جهة أبيه الحسن بن عليّ عليهالسلام خاصة
الشيخ أبو جعفر بن بابويه رضياللهعنه ، عن عليّ بن عبد الله الورّاق ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعريّ قال : دخلت على أبي محمد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهالسلام وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده ، فقال لي مبتدئا : « يا أحمد بن إسحاق ، إنّ الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم ، ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجة لله على خلقه ، به يدفع البلاء عن أهل الأرض ، وبه ينزل الغيث ، وبه يخرج بركات الأرض ».
قال : فقلت له : يا ابن رسول الله ، فمن الخليفة والإمام بعدك؟
فنهض عليهالسلام مسرعا فدخل البيت ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام ، كأنّ وجهه القمر ليلة البدر ، من أبناء ثلاث سنين ، وقال : « يا أحمد بن إسحاق ، لو لا كرامتك على الله وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا ، إنّه سميّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكنيّه ، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
يا أحمد بن إسحاق ، مثله في هذه الامّة مثل الخضر ، ومثله مثل دّي القرنين ، والله ليغيبنّ غيبة لا ينجو من الهلكة فيها إلاّ من ثبّته الله تعالى على القول بإمامته ، ووفّقه للدعاء بتعجيل فرجه ».
قال : أحمد بن إسحاق : فقلت له : يا مولاي ، فهل من علامة يطمئنّ إليها قلبي؟
فنطق الغلام عليهالسلام بلسان عربيّ فصيح فقال : « أنا بقيّة الله في أرضه ، والمنتقم من أعدائه ، فلا تطلب أثرا بعد عين يا أحمد بن إسحاق ».
قال أحمد : فخرجت مسرورا فرحا ، فلمّا كان من الغد عدت إليه فقلت له : يا ابن رسول الله ، لقد عظم سروري بما مننت عليّ ، فما السنّة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟
فقال : « طول الغيبة يا أحمد ».
فقلت له : يا ابن رسول الله ، وإنّ غيبته لتطول؟
قال : « إي وربّي ، حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به ، فلا يبقى إلاّ من أخذ الله عهده بولايتنا ، وكتب في قلبه الإيمان ، وأيّده بروح منه.
يا أحمد بن إسحاق ، هذا أمر من الله ، وسرّ من سرّ الله ، وغيب من غيب الله ، فخذ ما آتيتك واكتمه ، وكن من الشاكرين ، تكن معنا غدا في علّيين » (١).
ويؤيد هذا الخبر ما رواه محمد بن مسعود العياشي ، عن محمد بن نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن حماد بن عيسى ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « إنّ ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله الله حجّة على عباده ، فدعا قومه إلى الله عزّ وجل ، وأمرهم بتقواه ، فضربوه على قرنه ، فغاب عنهم زمانا حتّى قيل : مات أو هلك ، بأيّ واد سلك. ثمّ ظهر ورجع إلى قومه ، فضربوه على قرنه الآخر ، وفيكم من هو على سنّته ، وإنّ الله عزّ وجل مكّن لذي القرنين في الأرض ، وجعل له من كلّ شيء سببا ، وبلغ المشرق والمغرب ، وإنّ الله تعالى سيجري سنّته في القائم من ولدي ،
__________________
(١) كمال الدين : ٣٨٤ / ١.
ويبلغه شرق الأرض وغربها ، حتّى لا يبقي منهلّ ولا موضع من سهل أو جبل وطئه ذو القرنين إلاّ وطئه ، ويظهر الله له كنوز الأرض ومعادنها ، وينصره بالرعب ، ويملأ الأرض به عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما » (١).
محمد بن مسعود العيّاشي ، عن آدم بن محمد البلخيّ ، عن عليّ بن الحسين بن هارون الدقاق ، عن جعفر بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن إبراهيم بن الأشتر ، عن يعقوب بن منقوش قال : دخلت على أبي محمد عليهالسلام وهو جالس على دكان في الدار ، وعن يمينه بيت عليه ستر مسبل ، فقلت له : سيّدي ، من صاحب هذا الأمر؟
فقال : « ارفع الستر ».
فرفعته ، فخرج إلينا غلام خماسيّ له عشر أو ثمان أو نحو ذلك ، واضح الجبين ، أبيض الوجه ، دريّ المقلتين ، شثن الكفّين (٢) ، معطوف الركبتين ، في خدّه الأيمن خال ، وفي رأسه ذؤابة ، فجلس على فخذ أبي محمد ثم قال لي : « هذا هو صاحبكم » ثمّ وثب فقال له : « يا بنيّ ، ادخل إلى الوقت المعلوم ».
فدخل البيت وأنا انظر إليه ، ثمّ قال لي : « يا يعقوب ، انظر من في البيت »؟ فدخلت فما رأيت أحدا (٣).
محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن محمد ، عن محمد بن عليّ بن بلال قال : خرج إليّ من أبي محمد الحسن بن عليّ عليهماالسلام قبل مضيّه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ، ثمّ خرج إليّ من قبل مضيّه بثلاثة أيّام
__________________
(١) كمال الدين : ٣٩٤ / ٤.
(٢) شثن الكفين : أي خشنتان وغليظتان. « انظر : الصحاح ـ شثن ـ ٥ : ٢١٤٢ ».
(٣) كمال الدين : ٤٠٧ / ٢.
يخبرني بالخلف من بعده (١).
وعنه عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن إسحاق ، عن أبي هاشم الجعفريّ قال : قلت لأبي محمد عليهماالسلام : جلالتك تمنعني عن مسألتك ، فتأذن لي أن أسألك؟
فقال : « سل ».
فقلت : يا سيّدي ، هل لك ولد؟
قال : « نعم ».
قلت : فإن حدث أمر ، فأين أسأل عنه؟
قال : « بالمدينة » (٢).
وعنه ، عن الحسين بن محمد الأشعريّ ، عن معلّى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال : خرج عن أبي محمد عليهالسلام حين قتل الزبيري (٣) : « هذا جزاء من اجترأ على الله في أوليائه ، زعم أنه يقتلني وليس لي عقب ، فكيف رأى قدرة الله فيه ».
قال : وولد له ولد وسمّاه باسم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذلك في سنة ستّ وخمسين ومائتين (٤).
__________________
(١) الكافي ١ : ٢٦٤ / ١ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣٤٨.
(٢) الكافي ١ : ٢٦٤ / ٢ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣٤٨ ، غيبة الطوسي : ٢٣٢ / ١٩٩ ، الفصول المهمة : ٢٩٢.
(٣) قال العلاّمة المجلسي رحمهالله في مرآة العقول ( ٤ : ٣ / ٥ ) : الزّبيري كان لقب بعض الأشقياء من ولد الزبير ، كان في زمانه عليهالسلام فهدّده ، وقتله الله على يد الخليفة أو غيره.
وصحّفه بعضهم وقرأ بفتح الزاي وكسر الباء من الزبير ، بمعنى الداهية ، كناية عن المهتدي العبّاسي ، حيث قتله الموالي.
(٤) الكافي ١ : ٢٦٤ / ٥ ، وكذا في : كمال الدين : ٤٣٠ / ٣ ، غيبة الطوسي : ٢٣١ / ١٩٨ ، ودون ذيله في ارشاد المفيد ٢ : ٣٤٩.
وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن جعفر بن محمد الكوفيّ ، عن جعفر ابن محمد المكفوف ، عن عمرو الأهوازي قال : أراني أبو محمد عليهالسلام ابنه وقال : « هذا صاحبكم بعدي » (١).
الشيخ أبو جعفر ، عن محمد بن عليّ ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى العطّار ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن محمد بن معاوية بن حكيم ، ومحمد بن أيّوب بن نوح ، ومحمّد بن عثمان العمريّ قالوا : عرض علينا أبو محمد ابنه ونحن في منزله ـ وكنّا أربعين رجلا ـ فقال : هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم ، فأطيعوه ولا تتفرّقوا بعدي فتهلكوا في أديانكم ، أما إنّكم لا ترونه (٢) بعد يومكم هذا ».
قالوا : فخرجنا من عنده فما مضت إلاّ أيّام قلائل حتّى مضى أبو محمد عليهالسلام (٣).
وعنه ، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطّار ، عن سعد بن عبد الله ، عن موسى بن جعفر بن وهب البغداديّ قال : سمعت أبا محمد الحسن بن عليّ عليهماالسلام يقول : « كأنّي بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف منّي ، أما إنّ المقرّ بالأئمّة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المنكر لولدي كمن أقرّ بجميع أنبياء الله ورسله ثمّ أنكر نبوّة محمد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنّ طاعة آخرنا كطاعة أولنا ، والمنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا ، أما
__________________
(١) الكافي ١ : ٢٦٤ / ٣ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣٤٨ ، غيبة الطوسي : ٢٣٤ / ٢٠٣.
(٢) لعل المراد بقوله عليهالسلام هذا ( أكثركم ) لمعارضته مع أخبار اخرى تذهب إلى رؤية العمري له عليهالسلام.
انظر : كمال الدين : ٤٤٠ / ٩ و ١٠ و ٤٤١ / ١٤ ، ارشاد المفيد : ٢ / ٣٥١.
كما أنّ العمري رحمهالله كان من سفرائه عليهالسلام في أيام غيبته الصغرى. فتأمّل.
(٣) كمال الدين : ٤٣٥ / ٢.
إنّ لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلاّ من عصمه الله » (١).
وعنه ، عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق ، عن أبي عليّ بن همّام قال : سمعت محمد بن عثمان العمريّ يقول : سمعت أبي يقول : سئل أبو محمد الحسن بن عليّ عليهماالسلام وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه عليهمالسلام : أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله على خلقه إلى يوم القيامة ، وإن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة.
فقال : « إنّ هذا حقّ كما أنّ النهار حق ».
فقيل له : يا ابن رسول الله ، فمن الحجّة والإمام بعدك؟
فقال : « ابني محمد هو الامام والحجة بعدي ، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهليّة ، أما إنّ له غيبة يحار فيها الجاهلون ، ويهلك فيها المبطلون ، ويكذب فيها الوقّاتون ، ثمّ يخرج فكأنّي أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة » (٢).
__________________
(١) كمال الدين : ٤٠٩ / ٨ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٩٥ ، روضة الواعظين : ٢٥٧.
(٢) كمال الدين : ٤٠٩ / ٩ ، وكذا في : كفاية الأثر : ٢٩٦.
( الباب الثالث )
في بيان وجه الاستدلال بهذه الأخبار الواردة
في النصوص على إمامته ، وذكر أحوال غيبته ،
وما شوهد من دلالاته وبيناته ، وبعض ما خرج من توقيعاته
وفيه أربعة فصول :
( الفصل الأول )
في ذكر الدلالة على إثبات غيبته عليهالسلام
وصحة إمامته من جهة الأخبار
التي تقدّم ذكرها ، وذكر أحوال غيبته
تدلّ على إمامته عليهالسلام ما أثبتناها من أخبار النصوص ، وهي على ثلاثة أوجه :
أحدها : النصّ على عدد الأئمّة الاثني عشر ، وقد جاءت تسميته عليهالسلام في بعض تلك الأخبار ، ودلّ البعض على إمامته بما فيه من ذكر العدد من قبل أنّه لا قائل بهذا العدد في الامّة إلاّ من دان بإمامته ، وكلّ ما طابق الحقّ فهو حقّ.
والوجه الثاني : النصّ عليه من جهة أبيه خاصّة.
والوجه الثالث : النصّ عليه بذكر غيبته وصفتها التي يختصّها ، ووقوعها على الحدّ المذكور من غير اختلاف ، حتّى لم يحرم منه شيئا ، وليس يجوز في العادات أن تولد جماعة كذبا يكون خبرا عن كائن فيتّفق لهم ذلك على حسب ما وصفوه.
وإذا كانت أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجّة عليهالسلام ، بل زمان أبيه وجدّه ، حتّى تعلّقت الكيسانيّة (١) بها في إمامة ابن الحنفيّة
__________________
(١) الكيسانية : يذهب أصحاب هذه الفرقة إلى إمامة محمد ابن الحنفية بعد أخويه الحسن والحسين عليهماالسلام ، وأنه لم يمت بل اختفى في جبال رضوى حتّى يؤذن له بالخروج على اعتبار أنّه هو المهدي المنتظر.
انظر : فرق الشيعة للنوبختي : ٢٣ ، الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة : ٥٦ ، الملل والنحل
والناووسيّة (١) والممطورة (٢) في أبي عبد الله وأبي الحسن موسى عليهماالسلام ، وخلّدها المحدّثون من الشيعة في أصولهم المؤلّفة في أيّام السيّدين الباقر والصادق عليهماالسلام ، وآثروها عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام واحدا بعد واحد ، صحّ بذلك القول في إمامة صاحب الزمان عليهالسلام بوجود هذه الصفة له ، والغيبة المذكورة في دلائله وإعلام إمامته ، وليس يمكن لأحد دفع ذلك.
ومن جملة ثقات المحدّثين والمصنّفين من الشيعة : الحسن بن محبوب الزرّاد ، وقد صنّف كتاب المشيخة الذي هو في أصول الشيعة أشهر من كتاب المزني وأمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة ، فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة ، فوافق الخبر الخبر ، وحصل كلّ ما تضمّنه الخبر بلا اختلاف.
__________________
١ : ١٤٧.
(١) الناووسية : يزعم أصحاب هذه الفرقة أنّ الامام الصادق عليهالسلام لم يمت ، وأنه سيظهر بعد لاحياء الحق وإماتة الباطل ، وأنّه هو الامام المهدي المنتظر.
وقيل : أنّهم اتباع رجل يقال له ناووس ، أو عجلان بن ناووس.
وقيل : أنّهم ينسبون إلى قرية ناووسا.
انظر : فرق الشيعة للنوبختي : ٦٧ ، الملل والنحل ١ : ١٦٦ ، الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة : ٧٧.
(٢) الممطورة : هم من الواقفين على الامام موسى بن جعفر عليهالسلام ، والذاهبين إلى أنّه عليهالسلام لم يمت ، وأنّه هو المهدي الذي يخرج لإقامة العدل وإماتة البدع والأهواء ، وأنّ الأئمة عليهمالسلام من بعده ليسوا إلاّ خلفاء له لا أئمة ، ينوبون عنه حتى ظهوره.
وسموا بذلك الاسم من خلال جدال قام بين علي بن إسماعيل وبينهم حتى قال لهم بعد ان اشتد الجدال فيما بينهم : ما أنتم إلاّ كلاب ممطورة. أي أنّهم أنتن من جيف ؛ لأنّ الكلاب إذا أصابها المطر تنبعث منها رائحة نتنة.
انظر : فرق الشيعة : ٨١ ، الملل والنحل ١ : ١٦٩.
ومن جملة ذلك : ما رواه عن إبراهيم الخارقي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت له : كان أبو جعفر عليهالسلام يقول : « لقائم آل محمد عليهالسلام غيبتان واحدة طويلة والاخرى قصيرة ».
قال : فقال لي : « نعم يا أبا بصير ، إحداهما أطول من الاخرى ، ثمّ لا يكون ذلك ـ يعني ظهوره ـ حتّى يختلف ولد فلان ، وتضيق الحلقة ، ويظهر السفياني ، ويشتدّ البلاء ، ويشمل الناس موت وقتل ، ويلجئون منه إلى حرم الله تعالى وحرم رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (١).
فانظر كيف قد حصلت الغيبتان لصاحب الأمر عليهالسلام على حسب ما تضمّنته الأخبار السابقة لوجوده عن آبائه وجدوده عليهمالسلام ، أمّا غيبته الصغرى (٢) منهما فهي التي كانت فيها سفراؤه عليهالسلام موجودين ، وأبوابه معروفين ، لا تختلف الاماميّة القائلون بإمامة الحسن بن عليّ عليهالسلام فيهم ، فمنهم : أبو هاشم داود بن القاسم الجعفريّ ، ومحمد بن عليّ ابن بلال ، وأبو عمرو عثمان بن سعيد السمّان ، وابنه أبو جعفر محمد بن عثمان ، وعمر الأهوازي ، وأحمد بن إسحاق ، وأبو محمد الوجناني ، وإبراهيم بن مهزيار ، ومحمد بن إبراهيم في جماعة أخر ربّما يأتي ذكرهم عند الحاجة إليهم في الرواية عنهم.
وكانت مدّة هذه الغيبة أربعا وسبعين سنة ، وكان أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري قدّس الله روحه بابا لأبيه وجدّه عليهماالسلام من قبل وثقة لهما ، ثمّ تولّى الباقية من قبله ، وظهرت المعجزات على يده ، ولمّا مضى لسبيله قام ابنه أبو جعفر محمد مقامه رحمهما الله بنصّه عليه ، ومضى على منهاج أبيه
__________________
(١) غيبة النعماني : ١٧٢ / ٧.
(٢) في نسخة « ط » و « ق » : القصرى.
رضياللهعنه في آخر جمادى الآخرة من سنة أربع أو خمس وثلاثمائة ، وقام مقامه أبو القاسم الحسين بن روح من بني نوبخت بنصّ أبي جعفر محمد بن عثمان عليه ، وأقامه مقام نفسه ، ومات رضياللهعنه في شعبان سنة ستّ وعشرين وثلاثمائة ، وقام مقامه أبو الحسن عليّ بن محمد السّمري بنصّ أبي القاسم عليه ، وتوفّي في النصف من شعبان سنه ثمان وعشرين وثلاثمائة.
فروي عن أبي محمد الحسن بن أحمد المكتب أنه قال : كنت بمدينة السلام في السنة التي توفّي فيها علي بن محمد السّمري ، فحضرته قبل وفاته بأيّام ، فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته :
« بسم الله الرحمن الرحيم
يا عليّ بن محمد السّمري أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام ، فاجمع أمرك ، ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة ، فلا ظهور إلاّ بعد أن يأذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب (١) ، وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ».
قال : فانتسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيّك؟ قال : لله أمر هو بالغه. فقضى. فهذا آخر كلام سمع منه (٢).
ثمّ حصلت الغيبة الطولى التي نحن في أزمانها ، والفرج يكون في آخرها بمشيئة الله تعالى.
__________________
(١) في نسخة « ط » و « ق » : القلب ، وأثبتنا ما في نسخة « م » ، وهو الموافق لما في المصدر.
(٢) كمال الدين : ٥١٦ / ٤٤.