إعلام الورى بأعلام الهدى - ج ٢

الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي

إعلام الورى بأعلام الهدى - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-011-0
الصفحات: ٤٧٧
الجزء ١ الجزء ٢

إليه.

فلمّا نظر إلى خاتم امّه على البدرة بعث إليها فخرجت إليه فسألها عن البدرة ، فأخبرني بعض خدم الخاصّة أنّها قالت : كنت نذرت في علّتك إن عوفيت أن أحمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار ، فحملتها إليه وهذا خاتمي على الكيس ما حرّكها. وفتح الكيس الآخر فإذا فيه أربعمائة دينار ، فأمر أن تضمّ إلى البدرة بدرة اخرى وقال لي : احمل ذلك إلى أبي الحسن واردد عليه السيف والكيس.

فحملت ذلك ، واستحييت منه وقلت له : يا سيّدي عزّ عليّ دخولي دارك بغير إذنك ، ولكني مأمور.

فقال لي : « يا سعيد ( سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (١) » (٢).

وروى الحسين بن الحسن الحسني قال : حدّثني أبو الطيّب يعقوب ابن ياسر قال : كان المتوكّل يقول : ويحكم أعياني أمر ابن الرضا ، وجهدت أن يشرب معي وينادمني فامتنع.

فقال له بعض من حضر : إن لم تجد من ابن الرضا ما تريد من هذه الحال ، فهذا أخوه موسى (٣) قصّاف عزّاف ، يأكل ويشرب ويعشق ويتخالع ، فأحضره واشهره ، فإنّ الخبر يسمع عن ابن الرضا ولا يفرّق الناس بينه وبين

__________________

(١) الشعراء ٢٦ : ٢٢٧.

(٢) الكافي ١ : ٤١٧ / ٤ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣٠٢ ، الخرائج والجرائح ١ : ٦٧٦ / ٨ ، الدعوات للراوندي : ٢٠٢ / ٥٥٥ ، وباختصار في : المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٤١٥ ، كشف الغمة ٢ : ٣٧٨ ، الفصول المهمة : ٢٨١ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ١٩٨ / ١٠.

(٣) في نسخة « م » : زيادة : اللاهي واللاعب على الطعام.

١٢١

أخيه ، من عرفه اتّهم أخاه بمثل فعاله. فقال : اكتبوا بإشخاصه مكرما.

فاشخص ، وتقدّم المتوكّل أن يتلقّاه جميع بني هاشم والقوّاد وسائر الناس ، وعمل على أنّه إذا وافى أقطعه قطيعة ، وبنى له فيها ، وحوّل إليها الخمّارين والقيان ، وتقدّم بصلته وبرّه ، وأفرد له منزلا سريّا يصلح لأن يزوره هو فيه.

فلمّا وافى موسى تلقّاه أبو الحسن عليه‌السلام في قنطرة وصيف فسلّم عليه ثمّ قال له : « إنّ هذا الرجل قد أحضرك ليهتكك (١) ويضع منك ، فلا تقرّ له أنّك شربت نبيذا قطّ ، واتّق الله يا أخي أن ترتكب محظورا ».

فقال له موسى : إنّما دعاني لهذا فما حيلتي؟

قال : « فلا تضع من قدرك ، ولا تعص ربّك ، ولا تفعل ما يشينك ، فما غرضه إلاّ هتكك ».

فأبى عليه موسى ، وكرّر أبو الحسن عليه القول والوعظ وهو مقيم على خلافه ، فلمّا رأى أنّه لا يجيب قال : « أمّا إنّ الذي تريد الاجتماع معه عليه لا تجتمع عليه أنت وهو أبدا ».

قال : فأقام ثلاث سنين يبكر كلّ يوم إلى باب المتوكّل ويروح فيقال له : قد سكر أو قد شرب دواء ، حتّى قتل المتوكّل ولم يجتمع معه على شراب (٢).

وذكر الحسن بن محمد بن جمهور العمّيّ في كتاب الواحدة قال : حدّثني أخي الحسين بن محمد قال : كان لي صديق مؤدّب لولد بغاء أو

__________________

(١) في نسخة « ط » : ليهينك.

(٢) الكافي ١ : ٤٢٠ / ٨ ، ارشاد المفيد ٢ : ٣٠٧ ، وباختصار في : المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٤٠٩ ، كشف الغمة ٢ : ٣٨١.

١٢٢

وصيف ـ الشكّ منّي ـ فقال لي : قال لي الأمير منصرفه من دار الخليفة : حبس أمير المؤمنين هذا الذي يقولون : ابن الرضا اليوم ودفعه إلى عليّ بن كركر ، فسمعته يقول : « أنا أكرم على الله من ناقة صالح ( تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ) (١) » وليس يفصح بالآية ولا بالكلام ، أيّ شيء هذا؟

قال : قلت : أعزّك الله ، توعّد ، انظر ما يكون بعد ثلاثة أيّام.

فلمّا كان من الغد أطلقه واعتذر إليه ، فلمّا كان في اليوم الثالث وثب عليه : باغز ، ويغلون ، وتامش ، وجماعة معهم فقتلوه وأقعدوا المنتصر ولده خليفة (٢).

قال : وحدّثني أبو الحسين سعيد بن سهلويه البصريّ وكان يلقّب بالملاّح قال : كان يقول بالوقف جعفر بن القاسم الهاشميّ البصريّ ، وكنت معه بسرّمن رأى ، إذ رآه ابو الحسن عليه‌السلام في بعض الطرق فقال له : « إلى كم هذه النومة؟ أما آن لك أن تنتبه منها؟ ».

فقال لي جعفر : سمعت ما قال لي عليّ بن محمد ، قد والله قدح (٣) في قلبي شيء.

فلمّا كان بعد أيّام حدث لبعض أولاد الخليفة وليمة فدعانا فيها ودعا أبا الحسن معنا ، فدخلنا ، فلمّا رأوه أنصتوا إجلالا له ، وجعل شابّ في المجلس لا يوقّره ، وجعل يلفظ ويضحك ، فأقبل عليه وقال له : « يا هذا

__________________

(١) هود ١١ : ٦٥.

(٢) الثاقب في المناقب : ٥٣٦ / ٤٧٣ ، وباختصار في : المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٤٠٧ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ١٨٩ / ١.

(٣) في نسخة « م » : وقع.

١٢٣

أتضحك ملء فيك وتذهل عن ذكر الله وأنت بعد ثلاثة أيّام من أهل القبور ».

قال : فقلنا : هذا دليل حتّى ننظر ما يكون؟

قال : فأمسك الفتى وكفّ عمّا هو عليه ، وطعمنا وخرجنا ، فلمّا كان بعد يوم اعتلّ الفتى ومات في اليوم الثالث من أوّل النهار ، ودفن في آخره (١).

وحدثني سعيد أيضا قال : اجتمعنا أيضا في وليمة لبعض أهل سرّ من رأى ، وأبو الحسن معنا ، فجعل رجل يعبث ويمزح ولا يرى له جلالا ، فأقبل على جعفر فقال : « أما إنّه لا يأكل من هذا الطعام ، وسوف يرد عليه من خبر أهله ما ينغّص عليه عيشه ».

قال : فقدمت المائدة قال جعفر : ليس بعد هذا خبر ، قد بطل قوله ، فو الله لقد غسل الرجل يده وأهوى إلى الطعام فإذا غلامه قد دخل من باب البيت يبكي وقال له : الحق امّك ، فقد وقعت من فوق البيت وهي بالموت.

قال جعفر : فقلت : والله لا وقفت بعد هذا ، وقطعت عليه (٢).

والروايات في هذا الباب كثيرة ، وفيما أوردناه كفاية.

__________________

(١) المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٤٠٧ و ٤١٤ ، وورد ذيل الرواية في : كشف الغمة ٢ : ٣٩٨ ، والثاقب في المناقب : ٥٣٦ / ٤٧٤.

(٢) المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٤١٥ ، كشف الغمة ٢ : ٣٩٨ ، الثاقب في المناقب : ٥٣٧ / ٤٧٥.

١٢٤

( الفصل الرابع )

في ذكر طرف من خصائصه وأخباره عليه‌السلام

ذكر ابن جمهور قال : حدّثني سعيد بن سهلويه قال : رفع زيد بن موسى إلى عمر بن الفرج مرارا يسأله أن يقدّمه على ابن ابن أخيه ويقول : إنّه حدث وأنا عمّ أبيه ، فقال عمر ذلك لأبي الحسن عليه‌السلام فقال : « افعل واحدة ، اقعدني غدا قبله ثمّ انظر ».

فلمّا كان من الغد أحضر عمر أبا الحسن عليه‌السلام فجلس في صدر المجلس ، ثمّ أذن لزيد بن موسى فدخل فجلس بين يدي أبي الحسن عليه‌السلام ، فلمّا كان يوم الخميس أذن لزيد بن موسى قبله فجلس في صدر المجلس ، ثمّ أذن لأبي الحسن عليه‌السلام فدخل ، فلمّا رآه زيد قام من مجلسه وأقعده في مجلسه وجلس بين يديه (١).

وأشخص أبا الحسن عليه‌السلام المتوكّل من المدينة إلى سرّ من رأى ، وكان السبب في ذلك أنّ عبد الله بن محمد ـ وكان والي المدينة ـ سعى به إليه ، فكتب المتوكّل إليه كتابا يدعو به فيه إلى حضور العسكر على جميل من القول.

فلمّا وصل الكتاب إليه تجهّز للرحيل وخرج مع يحيى بن هرثمة حتّى وصل إلى سرّ من رأى ، فلمّا وصل إليها تقدّم المتوكّل أن يحجب عنه في منزله ، فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك فأقام فيه يومه ، ثمّ تقدّم المتوكّل بإفراد دار له فانتقل إليها (٢).

__________________

(١) المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٤١٠.

(٢) ارشاد المفيد ٢ : ٣٠٩ بتفصيل فيه ، روضة الواعظين : ٢٤٥ ، كشف الغمة ٢ :

١٢٥

فروى محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن محمد بن يحيى ، عن صالح ابن سعيد قال : دخلت على أبي الحسن عليه‌السلام في يوم وروده فقلت له : جعلت فداك ، في كلّ الامور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك حتّى أنزلوك هذا الخان الأشنع ، خان الصعاليك.

فقال : « هاهنا أنت يا ابن سعيد » ثمّ أومأ بيده فإذا أنا بروضات آنقات ، وأنهار جاريات ، وجنّات فيها خيرات عطرات ، وولدان كأنّهنّ اللؤلؤ المكنون ، فحار بصري ، وكثر عجبي ، فقال لي : « حيث كنّا فهذا لنا يا ابن سعيد ، لسنا في خان الصعاليك » (١).

وكان المتوكل يجتهد في إيقاع حيلة به ، ويعمل على الوضع من قدره في عيون الناس فلا يتمكّن من ذلك ، وله معه أحاديث يطول بذكرها الكتاب ، فيها آيات له ، ودلالات ذكرنا بعضها ، وفي إيراد جميعها خروج عن الغرض في الإيجاز.

وروى عبد الله بن عيّاش بإسناده ، عن أبي هاشم الجعفريّ فيه وقد اعتلّ عليه‌السلام :

مادت الأرض بي وأدّت فؤادي

واعترتني موارد العرواء

حين قيل : الإمام نضو عليل

قلت : نفسي فدته كلّ الفداء

مرض الدين لاعتلالك واعت

لّ وغارت له نجوم السماء

_________________

٣٨٢.

(١) الكافي ١ : ٤١٧ / ٢ ، وكذا في : بصائر الدرجات : ٤٢٦ / ٧ و ٤٢٧ / ١١ ، ارشاد المفيد ٢ : ٣١١ ، الاختصاص : ٣٢٤ ، روضة الواعظين : ٢٤٦ ، الخرائج والجرائح ٢ : ٦٨٠ / ١٠ ، المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٤١١ ، كشف الغمة ٢ : ٣٨٣.

١٢٦

عجبا أن منيت بالداء والسق

م وأنت الإمام حسم الداء

أنت آسي الأدواء في الدين و

الدنيا ومحيي الأموات والأحياء (١)

« في أبيات ».

[ أولاده عليه‌السلام ]

وله عليه‌السلام من الأولاد : ابنه أبو محمد الحسن الإمام بعده ، والحسين ، ومحمد ، وجعفر الملقّب بالكذّاب ، وابنته عالية.

وكان مقامه بسرّمن رأى إلى أن توفّي عليه‌السلام عشرين سنة وأشهرا (٢).

__________________

(١) نقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ٢٢٢ / ٩.

(٢) انظر : ارشاد المفيد ٢ : ٣١١ ، الهداية للخصيبي : ٣١٣ ، تاج المواليد ( مجموعة نفيسة ): ١٣٢ ، مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٤٠٢ ، دلائل الامامة : ٢١٧ ، الفصول المهمة : ٢٨٣.

١٢٧
١٢٨

(الباب العاشر )

في ذكر الإمام الزكي أبي محمد

الحسن بن علي العسكري عليهما‌السلام

١٢٩
١٣٠

( الفصل الأول )

في ذكر تاريخ مولده ، ومبلغ سنّه ،

ووقت وفاته عليه‌السلام

كان مولده عليه‌السلام يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة اثنين وثلاثين ومائتين.

وقبض عليه‌السلام بسرّمن رأى لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستّين ومائتين ، وله يومئذ ثمان وعشرون سنة.

وامّه أمّ ولد يقال لها : حديث.

وكانت مدّة خلافته ستّ سنين.

ولقبه : الهاديّ ، والسراج ، والعسكري ، وكان هو وأبوه وجدّه يعرف كل منهم في زمانه بابن الرضا.

وكانت في سني إمامته بقيّة ملك المعتزّ أشهرا ، ثمّ ملك المهتدي أحد عشر شهرا وثمانية وعشرين يوما ، ثمّ ملك أحمد المعتمد على الله بن جعفر المتوكّل عشرين سنة وأحد عشر شهرا.

وبعد مضيّ خمس سنين من ملكه قبض الله وليّه أبا محمد عليه‌السلام ودفن في داره بسرّمن رأى في البيت الذي دفن فيه أبوه عليهما‌السلام (١).

وذهب كثير من أصحابنا إلى أنّه عليه‌السلام مضى مسموما ، وكذلك

__________________

(١) انظر : الكافي : ١ : ٤٢٠ ، ارشاد المفيد ٢ : ٣١٣ ، روضة الواعظين : ٢٥١ ، تاج المواليد ( مجموعة نفيسة ) : ١٣٣ ، مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٤٢١ ، دلائل الامامة : ٢٢٣ ، كشف الغمة ٢ : ٤٠٤ و ٤١٥.

١٣١

أبوه وجدّه وجميع الأئمّة عليهم‌السلام خرجوا من الدنيا بالشهادة ، واستدلّوا في ذلك بما روي عن الصادق عليه‌السلام من قوله : « والله ما منّا إلاّ مقتول شهيد » (١). والله أعلم بحقيقة ذلك.

__________________

(١) كفاية الأثر للخزاز : ١٦٢ ، مناقب ابن شهرآشوب ٢ : ٢٠٩ ، الفصول المهمة : ٢٩٠.

١٣٢

( الفصل الثاني )

في ذكر النصوص الدالة على إمامته عليه‌السلام

يدلّ على إمامته عليه‌السلام ـ بعد طريقتي الاعتبار والتواتر اللتين ذكرناهما في إمامة من تقدمه من آبائه عليهم‌السلام ـ :

ما رواه محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن محمد ، عن جعفر بن محمد الكوفيّ ، عن بشّار بن أحمد البصري ، عن عليّ بن عمر النوفلي قال : كنت مع أبي الحسن عليه‌السلام في صحن داره فمرّ بنا محمد ابنه ، فقلت : جعلت فداك ، هذا صاحبنا بعدك؟

فقال : « لا ، صاحبكم بعدي ابني الحسن » (١).

وبهذا الإسناد ، عن بشّار بن أحمد ، عن عبد الله بن محمد الاصفهانيّ قال : قال أبو الحسن عليه‌السلام : « صاحبكم بعدي الذي يصلّي عليّ ».

قال : ولم نكن نعرف أبا محمد عليه‌السلام قبل ذلك ، فلمّا مات أبو الحسن عليه‌السلام خرج أبو محمد عليه‌السلام فصلّى عليه (٢).

وبهذا الإسناد ، عن بشّار بن أحمد ، عن موسى بن جعفر بن وهب ، عن عليّ بن جعفر قال : كنت حاضرا أبا الحسن عليه‌السلام لما توفي ابنه [ محمّد ] (٣) فقال للحسن : « يا بنيّ أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا » (٤).

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٦٢ / ٢ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣١٤ ، غيبة الطوسي : ١٩٨ / ١٦٣ ، اثبات الوصية للمسعودي : ٢٠٨.

(٢) الكافي ١ : ٢٦٢ / ٣ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣١٥ ، مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٤٢٢.

(٣) اثبتناه من الكافي.

(٤) الكافي ١ : ٢٦٢ / ٤ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣١٥ ، كشف الغمة ٢ : ٤٠٥.

١٣٣

محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله بن مروان الأنباريّ قال : كنت حاضرا عند مضيّ أبي جعفر محمد بن عليّ ، فجاء أبو الحسن عليه‌السلام فوضع له كرسيّ فجلس عليه وحوله أهل بيته ، وأبو محمد قائم في ناحية ، فلمّا فرغ من أمر أبي جعفر التفت إلى أبي محمد عليه‌السلام فقال : « يا بنيّ أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا » (١).

وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن محمد بن أحمد القلانسيّ ، عن عليّ ابن الحسين بن عمرو ، عن عليّ بن مهزيار قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : إن كان كون ـ وأعوذ بالله ـ فإلى من؟

قال : « عهدي إلى الأكبر من ولدي » يعني الحسن عليه‌السلام (٢).

وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن أبي محمد الأسترآبادي ، عن عليّ ابن عمرو العطّار قال : دخلت على أبي الحسن وأبو جعفر ابنه ـ أعني محمدا ـ في الأحياء ، وأنا أظنّه هو القائم من بعده ، فقلت له : جعلت فداك ، من أخصّ من ولدك؟

فقال : « لا تخصّوا أحدا حتّى يخرج إليكم أمري ».

قال : فكتبت إليه بعد فيمن يكون هذا الأمر؟ قال : فكتب إلي : « في الأكبر من ولدي ».

قال : وكان أبو محمد أكبر من جعفر (٣).

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٦٢ / ٥ ، وكذا في : بصائر الدرجات ٤٩٢ / ١٣ ، ارشاد المفيد ٢ : ٣١٦ ، وباختلاف يسير في : مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٤٢٣.

(٢) الكافي ١ : ٢٦٢ / ٦ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣١٦ ، كشف الغمة ٢ : ٤٠٥.

(٣) الكافي ١ : ٢٦٢ / ٧ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣١٦ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ٢٤٤ / ١٧.

١٣٤

وعنه ، عن محمد بن يحيى وغيره ، عن سعد بن عبد الله ، عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن بن الحسين الأفطس : أنّهم حضروا يوم توفّي محمد بن عليّ بن محمد دار أبي الحسن عليه‌السلام ليعزّوه وقد بسط له في صحن داره والناس جلوس حوله ، قالوا : فقدّرنا أن يكون حوله يومئذ من آل أبي طالب وسائر بني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلا سوى مواليه وسائر الناس ، إذ نظر إلى الحسن بن عليّ ابنه وقد جاء مشقوق الجيب حتّى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه ، فنظر إليه أبو الحسن عليه‌السلام ساعة ثمّ قال له : « يا بنيّ أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا » فبكى الفتى واسترجع وقال : « الحمد لله رب العالمين ».

وقدّرنا أنّ له في ذلك الوقت عشرين سنة ، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنّه قد أشار إليه بالإمامة وأقامه مقامه (١).

وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن إسحاق بن محمد ، عن شاهويه بن عبد الله الجلاب قال : كتب إليّ أبو الحسن عليه‌السلام : « أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر وقلقت لذلك ، فلا تقلق ، فإنّ الله لا يضلّ قوما بعد إذ هداهم حتّى يتبيّن لهم ما يتّقون ، وصاحبك بعدي أبو محمد ابني ، وعنده ما تحتاجون إليه » (٢). الحديث بطوله.

وبهذا الإسناد ، عن إسحاق بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن أبي بكر الفهفكي قال : كتب إليّ أبو الحسن عليه‌السلام : « أبو محمد ابني أصحّ آل محمد غريزة ، وأوثقهم حجّة ، وهو الأكبر من ولدي ، وهو الخلف ،

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٦٢ / ٨ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣١٧ ، مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٤٢٣ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ٢٤٥ / ١٨.

(٢) الكافي ١ : ٢٦٣ / ١٢ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣١٩ ، الغيبة للطوسي : ١٢١.

١٣٥

وإليه تنتهي عرى الإمامة وأحكامها فما كنت سائلي عنه فسله عنه ، فعنده ما تحتاج إليه ومعه آلة الإمامة » (١).

وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهديّ ، عن يحيى ابن يسار القنبري قال : أوصى أبو الحسن عليه‌السلام إلى ابنه الحسن قبل مضيّه بأربعة أشهر ، وأشار إليه بالأمر من بعده ، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي (٢).

وفي كتاب أبي عبد الله بن عيّاش : حدّثني أحمد بن محمد بن يحيى قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثني محمد بن أحمد بن محمد العلويّ العريضي قال : حدّثني أبو هاشم داود بن القاسم الجعفريّ قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام صاحب العسكر يقول : « الخلف من بعدي الحسن ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف. ».

قلت : ولم جعلت فداك؟

قال : « لأنّكم لا ترون شخصه ، ولا يحلّ لكم تسميته ، ولا ذكره باسمه ».

قلت : كيف نذكره؟

قال : « قولوا : الحجّة من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٣).

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٦٣ / ١١ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣١٩ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ٢٤٥ / ١٩.

(٢) الكافي ١ : ٢٦١ / ١ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣١٤ ، الغيبة للطوسي : ٢٠٠ / ١٦٦ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ٢٤٦ / ٢١.

(٣) الكافي ١ : ٢٦٤ / ١٣ ، كمال الدين ٢ : ٦٤٨ / ٤ ، ارشاد المفيد ٢ : ٣٢٠ ، الغيبة للطوسي ٢٠٢ / ١٦٩ ، كفاية الأثر : ٢٨٨ ، اثبات الوصية للمسعودي : ٢٢٤ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ٢٤٠ / ٥.

١٣٦

( الفصل الثالث )

في ذكر طرف من آياته ومعجزاته عليه السلام

محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن محمد ، عن إسحاق بن محمد النخعيّ قال : حدّثني إسماعيل بن محمد بن عليّ بن إسماعيل بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس ، قال : قعدت لأبي محمد على ظهر الطريق ، فلمّا مرّ بي شكوت إليه الحاجة ، وحلفت أن ليس عندي درهم فما فوقه ولا غداء ولا عشاء ، فقال : « تحلف بالله كاذبا وقد دفنت مائتي دينار! وليس قولي هذا دفعا لك عن العطيّة ، أعطه يا غلام ما معك » فأعطاني غلامه مائة دينار.

ثمّ أقبل عليّ فقال لي : « إنّك تحرم الدنانير التي دفنتها أحوج ما تكون إليها » وصدق عليه‌السلام ، وذلك أنّي أنفقت ما وصلني به ، واضطررت ضرورة شديدة إلى شيء أنفقه ، وانغلقت عليّ أبواب الرزق ، فنبشت عن الدنانير التي كنت دفنتها فلم أجدها ، فنظرت فإذا ابن لي قد عرف موضعها فأخذها وهرب ، فما قدرت منها على شيء (١).

وبهذا الإسناد ، عن إسحاق بن محمد النخعي ، عن عليّ بن زيد بن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام قال : كان لي فرس ، وكنت به معجبا ، أكثر ذكره في المحافل ، فدخلت على أبي محمد يوما فقال لي : « ما فعل فرسك؟ ».

__________________

(١) الكافي ١ : ٤٢٦ / ١٤ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣٣٢ ، الخرائج والجرائح ١ : ٤٢٧ / ٦ ، مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٤٣٢ ، ثاقب المناقب : ٥٧٨ / ٥٢٧ ، كشف الغمة ٢ : ٤١٣ ، اثبات الوصية للمسعودي : ٢١٤.

١٣٧

فقلت : هو عندي ، وهو ذا هو على بابك ، الآن نزلت عنه.

فقال لي : « استبدل به قبل المساء إن قدرت ، ولا تؤخّر ذلك » ودخل علينا داخل فانقطع الكلام ، فقمت متفكّرا ، ومضيت إلى منزلي فأخبرت أخي فقال : ما أدري ما أقول في هذا. وشححت عليه ، ونفست على الناس ببيعه ، وأمسينا ، فلمّا صلّينا العتمة جاءني السائس فقال : يا مولاي نفق فرسك الساعة ، فاغتممت لذلك وعلمت أنّه عنى هذا بذلك القول.

ثمّ دخلت على أبي محمد عليه‌السلام بعد أيّام وأنا أقول في نفسي : ليته أخلف عليّ دابّة ، فلمّا جلست قال قبل أن احدّث : « نعم ، نخلف عليك ، يا غلام أعطه برذوني الكميت » ثمّ قال : « هذا خير من فرسك وأوطأ وأطول عمرا » (١).

ومما شاهده أبو هاشم ـ رحمه‌الله ـ من دلائله عليه‌السلام : ما ذكره أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عيّاش قال : حدّثني أبو عليّ أحمد بن محمد ابن يحيى العطّار ، وأبو جعفر محمد بن أحمد بن مصقلة القمّيّان قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال : حدّثنا داود بن القاسم الجعفريّ ، أبو هاشم ، قال : كنت عند أبي محمد عليه‌السلام فاستؤذن لرجل من أهل اليمن ، فدخل عليه رجل جميل طويل جسيم ، فسلّم عليه بالولاية فردّ عليه بالقبول ، وأمره بالجلوس فجلس إلى جنبي ، فقلت في نفسي : ليت شعري من هذا ، فقال أبو محمد : « هذا من ولد الأعرابيّة صاحبة الحصاة التي طبع آبائي فيها » ثمّ قال : « هاتها ».

__________________

(١) الكافي ١ : ٤٢٧ / ١٥ ، وكذا في : ارشاد المفيد ٢ : ٣٣٢ ، الخرائج والجرائح ١ : ٤٣٤ / ١٢ ، مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٤٣٠ ، ثاقب المناقب : ٥٧٢ / ٥١٦ ، كشف الغمة ٢ : ٤١٣ ، وذكره مختصرا المسعودي في اثبات الوصية : ٢١٥ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ٢٦٧ / ٢٦.

١٣٨

فأخرج حصاة وفي جانب منها موضع أملس ، فأخذها وأخرج خاتمه فطبع فيها فانطبع ، وكأنّي أقرأ الخاتم الساعة « الحسن بن عليّ » فقلت لليمانيّ : رأيته قطّ قبل هذا؟

فقال : لا والله ، وإنّي منذ دهر لحريص على رؤيته ، حتّى كان الساعة أتاني شابّ لست أراه فقال : قم فادخل ، فدخلت ، ثمّ نهض وهو يقول : رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ، ذرّيّة بعضها من بعض ، أشهد أنّ حقّك لواجب كوجوب حقّ أمير المؤمنين والأئمّة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين ، وإليك انتهت الحكمة والإمامة ، وإنّك وليّ الله الذي لا عذر لأحد في الجهل به.

فسألت عن اسمه ، فقال : اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أمّ غانم ، وهي الأعرابيّة اليمانيّة صاحبة الحصاة التي ختم فيها أمير المؤمنين عليه‌السلام (١).

وقال أبو هاشم الجعفريّ رحمه‌الله في ذلك :

بدرب الحصا مولى لنا يختم الحصى

له الله أصفى بالدليل وأخلصا

وأعطاه آيات الإمامة كلّها

كموسى وفلق البحر واليد والعصا

وما قمّص الله النبيّين حجّة

ومعجزة إلاّ الوصيّين قمّصا

فمن كان مرتابا بذاك فقصره

من الأمر أن تتلو الدليل وتفحصا (٢)

ـ في أبيات ـ

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٨١ / ٤ ، غيبة الطوسي : ٢٠٣ / ١٧١ ، الخرائج والجرائح ١ : ٤٢٨ / ٧ ، مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٤٤١ ، ثاقب المناقب : ٥٦١ / ٥٠٠ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ٣٠٢ / ٧٨.

(٢) ثاقب المناقب : ٥٦١ / ذيل حديث ٥٠٠ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ٣٠٢ / ٧٨.

١٣٩

قال أبو عبد الله بن عيّاش : هذه أمّ غانم صاحبة الحصاة غير تلك صاحبة الحصاة ، وهي أمّ الندى حبابة بنت جعفر الوالبيّة الأسديّة. وهي غير صاحبة الحصاة الاولى التي طبع فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين عليه‌السلام فإنّها أمّ سليم ، وكانت وارثة الكتب (١). فهنّ ثلاثة ولكلّ واحدة منهنّ خبر قد رويته ، ولم أطل الكتاب بذكره.

قال : وحدّثني أحمد بن محمد بن يحيى قال : حدّثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر قالا : حدّثنا أبو هاشم قال : شكوت إلى أبي محمد عليه‌السلام ضيق الحبس وثقل القيد ، فكتب إليّ : « تصلّي الظهر اليوم في منزلك ».

فاخرجت في وقت الظهر فصلّيت في منزلي كما قال عليه‌السلام.

قال : وكنت مضيّقا فأردت أن أطلب منه دنانير في كتابي فاستحييت ، فلمّا صرت إلى منزلي وجّه إليّ بمائة دينار وكتب إليّ : « إذا كانت لك حاجة فلا تستح ولا تحتشم ، واطلبها فإنّك ترى ما تحبّ » (٢).

قال : وكان أبو هاشم حبس مع أبي محمد عليه‌السلام ، كان المعتزّ حبسهما مع عدّة من الطالبيّين في سنة ثمان وخمسين ومائتين (٣).

حدثنا أحمد بن زياد الهمدانيّ ، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم قال : حدّثني أبو هاشم داود بن القاسم قال : كنت في الحبس المعروف بحبس صالح بن وصيف الأحمر ، أنا ، والحسن بن محمد العقيقي ، ومحمد بن

__________________

(١) نقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ٣٠٢ / ذيل حديث ٧٨.

(٢) الكافي ١ : ٤٢٦ / ١٠ ، ارشاد المفيد ٢ : ٣٣٠ ، اثبات الوصية : ٢١١ و ٢١٣ ، الخرائج والجرائح ١ : ٤٣٥ / ١٣ ، مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٤٣٢ و ٤٣٩ ، وثاقب المناقب : ٥٦٦ / ٥٠٥ و ٥٧٦ / ٥٢٥ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ١ : ٤٣٥ / ١٣.

(٣) نقله المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ٣١١ / ١٠.

١٤٠