تنقيح المقال

الشيخ محمّد رضا المامقاني

تنقيح المقال

المؤلف:

الشيخ محمّد رضا المامقاني


الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-543-4
الصفحات: ٣٩٢

الطابوق موضعه .. وإنّي كلّما بنيت ذراع يد من القبّة الشريفة نصبت الذهب ، فلمّا إن وصلت إلى ما فوق بطن القبّة أتاني سائل عن فرع ..

فقلت له ـ وأنا أضع الطابوق بيديّ ـ : سؤالك هذا من الفروع ، وقبّة أمير المؤمنين عليه السلام من الأُصول .. دعني أفرغ من الأصل وأُجيبك عن الفرع.

ورأيت بعد ذلك بشهرين إنّي أبني الصحن الشريف من الأساس بناءاً جديداً وتحت يدي أربعة من المعمارين ـ وأنا رئيسهم ـ فدخلت الصحن الشريف وهم يشتغلون ، وأخذت انظر إلى الصخرات المنصوبة على البناء الجديد وآمر بتقديم ما تأخّر منها يسيراً ، وتأخير ما تقدّم منها قليلا ..

ومنها : إنّ في خصوص شهر رمضان ـ من أشهر السنين التى مضت عليّ بعد الوالد قدّس سرّه ـ كان تتضيّق أُمور معاشي وتتعسّر .. فطلبت في زيارة نصف شعبان من سنة ألف وثلاثمائة وثمان وعشرين من مولاي سيد الشهداء عليه السلام أن يوسّع الله تعالى عليّ في شهر رمضان المقبل .. فلم يستجب دعائي على ما أُريد .. فانكسر قلبي وعزمت على ترك زيارة عيد الفطر لفقد النفقة ..

فرأيت في اليوم الخامس والعشرين من شهر رمضان في عالم الرؤيا إنّ أمير المؤمنين وسيّد الشهداء وثالث من الأئمة ـ لا أعرفه تعييناً الآن ـ عليهم جميعاً صلوات الله الملك المتعال .. جالسون وأنا جالس بخدمتهم ، وبان لي

٣٠١

من كلماتهم عليهم السلام إنّ جميع مصارفي لأجل الالتزام بإقامة التعزية كل ليلة وزيارة سيّد الشهداء عليه السلام في كل وقفة .. على ذلك المولى المظلوم روحي فداه ، وإن كنت مجاوراً للأمير عليه السلام.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام لسيّد الشهداء عليه السلام : يا حسين! أزد توجّهك في حقّ هذا .. وأشار عليه السلام إليّ.

فقال سيّد الشهداء عليه السلام : سمعاً وطاعة ..

فقال أمير المؤمنين عليه السلام لسيّد الشهداء عليه السلام ـ بزجر مرّتين ـ : تتسامح في حقّه!؟ فخجل سيّد الشهداء روحي فداه ..!

فقمت أبكي خجلا من سيد الشهداء روحي فداه حيث زجره أبوه لأجلي ، وأُبيّن أنّي ما كنت ملتمسه عليه السلام ذلك.

فانتبهت وأنا أبكي .. فعزمت على التشرف إلى زيارته عليه السلام في عيد الفطر بكل طريق جبراً لما وقع ، فتحمّل صديق لنا مصرفي ومصرف من معي قرضاً عليّ .. فزرنا وخرجنا عصر يوم العيد ودخلنا النجف الأشرف ثاني العيد ، وكان يوم مجيء الخطوط (١) ، فأتوا بخطوطي .. وإذا في واحدة منها حوالة مائة ليرة عمّن لم انتفع أنا ولا الوالد قدّس سرّه في عمرنا [منه] ; فإذا خمسون منها هدية ، وخمسون حقّ السادة .. فأخذت المائة وأوفيت جملة من ديوني بخمسين الهدية .. وحمدت الله تعالى على ذلك.

__________________

(١) المقصود به يوم ورود البريد إلى النجف الأشرف ، وفيه ترد الحوالات المالية وغيرها.

٣٠٢

ومنها : إنّه لمّا كان المجرّب عندي أنّ من آخذه إلى زيارة الحسين عليه السلام من ذريتي في رضاعه يبقى ومن لا آخذه يتوفّى ، وولدت لنا في خامس عشر جمادى الثانية من سنة ألف وثلاثمائة وإحدى وثلاثين بنتاً (١) ، عزمت في شهر شعبان على أن آخذهم إلى زيارة ذلك المولى المظلوم عليه السلام ، وكنت معسراً ومديوناً مائة وثلاث وتسعين ليرة .. فاستقرضت وأخذتهم في سادس شوّال فدخلنا كربلاء المشرّفة صبح السابع ، فمضيت إلى سيّدي عليه السلام وقلت له : سيّدي! ديني .. كذا مقداره ، ومصرفي بموجب الرؤيا عليك ، فأمّا أن توفّي ديني أو تأذن لي في أن أُخلّي العيال جميعاً عندك تتكفّل مصارفهم وأمضي أنا ..!!

فرأيت يوم التاسع ـ وأنا نائم في السرداب ـ كأ نّي بالنجف الأشرف في دارنا .. إذ طرق الباب طارق ـ والخادم ليس حاضراً ـ فمضيت بنفسي ففتحت الباب ، وإذا برجل طويل القامة ، أسمر اللون ، قطط الشعر ، صبيح المنظر ، في وجهه شامات سود ، وبيده ورقة مطرّقة (٢) .. فقال ـ بعد التسالم (٣) ـ : إنّ إمام

__________________

(١) الظاهر أنّ المراد منها باكورة أولاده : بلقيس خانم ; التي سلف الحديث عنها قريباً.

(٢) وهي التي يطرّق بعضها على بعض ، كما في لسان العرب ١٠/٢٢٠ ، ويقال : حجارة مطارقة .. أي بعضها على بعض ، كما ويقال : المجان المطرّقة .. التي يطرّق بعضها على بعض كالنعل المطرقة المخصوفة ، كما جاء في الصحاح ٤/١٥١٦.

وفي النهاية ٣/١٢٢ : .. ومنه طارق النعل إذا صيّرها طاقاً فوق طاق ، وركّب بعضها فوق بعض .. ثم قال : ورواه بعضهم بتشديد الراء للتكثير.

(٣) كذا ، والمراد منها مبادلة السلام والتحية.

٣٠٣

العصر صلّى الله عليه وجعلنا فداه عزم على ورود النجف الأشرف لتزوره الشيعة ، ثمّ ينتقل إلى مسجد الكوفة لتنظيم أُموره .. فأرسلني لأُخبرك بأ نّه عليه السلام ينزل عندك. فقلت : أهلا به وسهلا!

ثم قال : وقد جعلك پيش خدمته (*) مخصوص .. ثمّ أعطاني الورقة التي بيده ، وقال : هذا فرمان(١) هذا المنصب.

فقبّلت الورقة ، ودخلت الدار ، وقلت لزوجتي ـ أُمّ الصدّيقة (٢) ـ : قومي وخيّطي لي لباس رسمي پيش خدمت الحجّة (٣) روحي فداه ، فقامت وأتت بزبون أزرق ، وخيّطت قدّامه ، وجعلته كالثوب الطويل ، وطرّقته ، وأتت به إليّ ، وقالت : أُجرتي أن توصل يديّ إلى ساحة الحجّة أرواحنا فداه قبل

__________________

(*) نقلت عين العبارة خوفاً من عدم وفاء الترجمة بمفاده ، وكونها تغييراً. [منه (قدّس سرّه)].

أقول : الكلمة فارسية يقصد منها من كان مقرّباً من الخدم ، بل رئيسهم أحياناً.

(١) فرمان : كلمة فارسية ، يراد منها الحكم والأمر والدستور ، وهو حكم خاصّ يقصد به الحكم الصادر من شخص كبير أو من جهة عالية لشخص تعيّن وظيفته أو حقوقه ، وقد يراد منه إمضاء الملك أو الرئيس .. وله معاني أُخر ، كما في لغتنامه دهخدا ٣٥/١٩٠ ـ ١٩١.

(٢) كذا ، وقد سلف الحديث عن زوجاته وبناته في الأمر الثاني : ولم يكن منهنّ بنت بهذا الاسم كي نعرف أمـّها.

(**) اللهم عجّل فرجه ، وسهّل مخرجه ، واجعلنا من كل مكروه فداه. [منه (قدّس سرّه) [.

٣٠٤

ازدحام الشيعة عليه للزيارة ، وكانت معذورة عن الصلاة ، وكان(١) الرؤيا يوم سادس عذرها ، فقلت لها : إنّك غير طاهرة والإمام عليه السلام لا يبقى هنا غير اليوم ، وأنتِ لا تنظفين إلاّ غداً .. فلا يمكن وصولك إلى حضرته صلوات الله عليه وآله.

فقالت : إنّي من حسن حظي طهرت هذه المرّة يوم السادس ، وأنا الآن نظيفة ..

فقلت : أجل ، ما تريدين تطلبين منه عليه السلام ..!؟

فقالت : الآخرة ، والحبل .. حيث لم تكن تحبل ، وكانت متكدّرة من ذلك.

فقلت لها : إلى الآن اتفق إنّكِ نظفت يوم السادس؟!

فقالت : لا.

فقلت لها : أجل ; اسرعي بالاغتسال .. فمضت فاغتسلت.

فشرّف الإمام عليه السلام فاستقبلته وقبلت يده وأخذته إلى الكتابخانه(٢) ، وسددت باب الدرج .. فازدحم الناس على دار المقبرة ينتظرون الرخصة في التشرّف إلى زيارته عجّل الله تعالى فرجه ، فأتيت بها إليه عليه السلام ـ وهو جالس ، وأنا واقف متأدّب ـ فقبّلت يده وركبته ..

__________________

(١) كذا ، والظاهر : وكانت.

(٢) كلمة فارسية بمعنى المكتبة .. أي دار الكتب.

٣٠٥

فانتبهت من رعب هيبته عليه السلام فأخذني مثل الأفكل(١) مدّة ، ثم التفت إلى أنّ هناك ما يصدّق الرؤيا إن كان .. فناديتها .. فأتت ، فسألتها عن الطهر.

فقالت : لا أدري ، وما أظنّ ; لأنّ اليوم سادس عذري.

فقلت لها : امضى واستكشفي .. فمضت واستكشفت واستظهرت فوجدت نفسها نظيفة.

فقلت لها : هل اتفق لك تنظفين يوم السادس؟!

فقالت : لا ..

فضحكت .. وقلت لها : ابشري بالحبل.

فقالت : لِمَ؟!

فقلت : لِطَيـف رأيته .. ثمّ لم تر دماً .. وحملت.

وقد تشرّفت بعد هذه الرؤيا إلى زيارة المولى المظلوم روحي فداه ، فقلت : سيّدي عدلت عن طلب وفاء الدين ، وهذه الرؤيا تكفيني عن جميع حوائجي.

ثم من أثر قدومه صلوات الله عليه وتشريفه إيّاي رزقني الله تعالى بعد العود ـ إلى أُسبوعين ـ ما وفيت به ثلثي الدين ، وبعد ستة أشهر ما وفيت به

__________________

(١) الأفكل ـ بالفتح ـ الرعدة ، وهي تكون من البرد أو الخوف ، حكاه في لسان العرب ١١/١٩ عن النهاية لابن الأثير [٣/٤٦٦] ، وقال : ولا يبنى منه فعل ، وهمزته زائدة ، ووزنه أفعل ، ولهذا إذا سمّيت به لم تصرفه للتعريف ووزن الفعل.

٣٠٦

الباقي .. والحمد لله تعالى على نعمه كلّها.

ومنها (١) :

__________________

(١) إلى هنا ما وجدناه من مسودّة الكتاب ، وكأنـّه قدّس سرّه كان في صدد درج أحلام أُخر إلاّ أنّ الوقت أو الأجل لم يمهله ..

٣٠٧
٣٠٨

الآثار والمصوّرات

لمسرد التنقيح

٣٠٩
٣١٠

٣١١

٣١٢

٣١٣

٣١٤

٣١٥

٣١٦

٣١٧

٣١٨

٣١٩

٣٢٠